Tafsir Bahr Muhit
البحر المحيط في التفسير
Penyiasat
صدقي محمد جميل
Penerbit
دار الفكر
Nombor Edisi
١٤٢٠ هـ
Lokasi Penerbit
بيروت
سورة البقرة ٢
[سورة البقرة (٢): الآيات ١ الى ٥]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤)
أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)
الم أَسْمَاءٌ مَدْلُولُهَا حُرُوفُ الْمُعْجَمِ، وَلِذَلِكَ نُطِقَ بِهَا نُطْقَ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، وَهِيَ مَوْقُوفَةُ الْآخِرِ، لَا يُقَالُ إِنَّهَا مُعْرَبَةٌ لِأَنَّهَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا عَامِلٌ فَتُعْرَبُ وَلَا يُقَالُ إِنَّهَا مَبْنِيَّةٌ لِعَدَمِ سَبَبِ الْبِنَاءِ، لَكِنَّ أَسْمَاءَ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ قَابِلَةٌ لِتَرْكِيبِ الْعَوَامِلِ عَلَيْهَا فَتُعْرَبُ، تَقُولُ هَذِهِ أَلِفٌ حَسَنَةٌ وَنَظِيرُ سَرْدِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ مَوْقُوفَةً، أَسْمَاءُ الْعَدَدِ، إِذَا عَدُّوا يَقُولُونَ: وَاحِدٌ، اثْنَانِ، ثَلَاثَةٌ، أَرْبَعَةٌ، خَمْسَةٌ. وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمُرَادِ بِهَا، وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ذلِكَ، ذَا: اسْمُ إِشَارَةٍ ثُنَائِيُّ الْوَضْعِ لَفْظًا، ثُلَاثِيُّ الْأَصْلِ، لَا أُحَادِيُّ الْوَضْعِ، وَأَلِفُهُ لَيْسَتْ زَائِدَةً، خِلَافًا لِلْكُوفِيِّينَ وَالسُّهَيْلِيِّ، بَلْ أَلِفُهُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ، وَلَامُهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْبَصْرِيِّينَ فِي زَعْمِهِ أَنَّهَا مُنْقَلِبَةٌ مِنْ وَاوٍ مِنْ بَابِ طَوَيْتُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ. وَيُقَالُ فِيهِ: ذَا وَذَائِهِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الْقُرْبِ، فَإِذَا دَخَلَتِ الْكَافُ فَقُلْتَ: ذَاكَ دَلَّ عَلَى التَّوَسُّطِ، فَإِذَا أَدْخَلْتَ اللَّامَ فَقُلْتَ: ذَلِكَ دَلَّ عَلَى الْبُعْدِ، وَبَعْضُ النَّحْوِيِّينَ رُتْبَةُ الْمُشَارِ إِلَيْهِ عِنْدَهُ قُرْبٌ وَبُعْدٌ. فَمَتَى كَانَ مُجَرَّدًا مِنَ اللَّامِ وَالْكَافِ كَانَ لِلْقُرْبِ، وَمَتَى كَانَتَا فِيهِ أَوْ إِحْدَاهُمَا كَانَ لِلْبُعْدِ، وَالْكَافُ حَرْفُ خِطَابٍ تُبَيِّنُ أَحْوَالَ الْمُخَاطَبِ مِنْ إِفْرَادٍ وَتَثْنِيَةٍ وَجَمْعٍ وَتَذْكِيرٍ وَتَأْنِيثٍ كَمَا تُبَيِّنُهَا إِذَا كَانَ ضَمِيرًا، وَقَالُوا: أَلِكَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ؟ وَلِاسْمِ الْإِشَارَةِ أَحْكَامٌ ذُكِرَتْ فِي النَّحْوِ.
الْكِتابُ، يُطْلَقُ بِإِزَاءِ مُعَانِ الْعَقْدِ الْمَعْرُوفِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ مُنَجَّمٍ لِلْعِتْقِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ «١»
، وَعَلَى الْفَرْضِ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى
(١) سورة النور: ٢٤/ ٣٣.
1 / 56