Tafsir Bahr Muhit
البحر المحيط في التفسير
Penyiasat
صدقي محمد جميل
Penerbit
دار الفكر
Nombor Edisi
١٤٢٠ هـ
Lokasi Penerbit
بيروت
فَعَلَ وَأَلِفُهُ مُنْقَلِبَةٌ مِنْ وَاوٍ وَهَمْزَتُهُ بَدَلٌ مِنْ هَاءٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ: مُوَيْهٌ، وَمِيَاهٌ، وَأَمْوَاهٌ. الثَّمَرَةُ: مَا تُخْرِجُهُ الشَّجَرَةُ مِنْ مَطْعُومٍ أَوْ مَشْمُومٍ. النِّدُّ: الْمُقَاوِمُ الْمُضَاهِي مَثَلًا كَانَ أَوْ ضِدًّا أَوْ خِلَافًا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْمُفَضَّلُ: النِّدُّ: الضِّدُّ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ، وَهَذَا التَّخْصِيصُ تَمْثِيلٌ لَا حَصْرٌ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: النِّدُّ: الضد المبغض المناوي مِنَ النُّدُودِ، وَقَالَ الْمَهْدَوِيُّ: النِّدُّ: الْكُفُؤُ وَالْمِثْلُ، هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ اللُّغَةِ سِوَى أَبِي عُبَيْدَةَ. فَإِنَّهُ قَالَ: الضِّدُّ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: النِّدُّ:
الْمِثْلُ، وَلَا يُقَالُ إِلَّا للمثل المخالف للبارىء، قَالَ جَرِيرٌ:
أَتَيَّمًا تَجْعَلُونَ إِلَيَّ نِدًّا ... وَمَا تَيَّمٌ لِذِي حَسَبٍ نَدِيدُ
وَنَادَدْتُ الرَّجُلَ: خَالَفْتُهُ وَنَافَرْتُهُ، مِنْ نَدَّ نُدُودًا إِذَا نَفَرَ. وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: لَيْسَ لِلَّهِ نِدٌّ وَلَا ضِدٌّ، نَفَى ما يسد مسد وَنَفَى مَا يُنَافِيهِ.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ: خِطَابٌ لِجَمِيعِ مَنْ يَعْقِلُ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَوِ الْيَهُودِ خَاصَّةً، قَالَهُ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ، أَوْ لَهُمْ وَلِلْمُنَافِقِينَ، قَالَهُ مُقَاتِلٌ، أَوْ لِكُفَّارِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَهُ السُّدِّيُّ، وَالظَّاهِرُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِأَنَّ دَعْوَى الْخُصُوصِ تَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ. وَوَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا هُوَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ الْمُكَلَّفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ وَصِفَاتِهِمْ وَأَحْوَالَهُمْ وَمَا يؤول إِلَيْهِ حَالُ كُلٍّ مِنْهُمْ، انْتَقَلَ مِنَ الْإِخْبَارِ عَنْهُمْ إِلَى خِطَابِ النِّدَاءِ، وَهُوَ الْتِفَاتٌ شَبِيهٌ بِقَوْلِهِ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ، بَعْدَ قَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، وَهُوَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَلَاغَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، إِذْ فِيهِ هَزٌّ لِلسَّامِعِ وَتَحْرِيكٌ لَهُ، إِذْ هُوَ خُرُوجٌ مِنْ صِنْفٍ إِلَى صِنْفٍ، وَلَيْسَ هَذَا انْتِقَالًا مِنَ الْخِطَابِ الْخَاصِّ إِلَى الْخِطَابِ الْعَامِّ، كَمَا زَعَمَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ، إِذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ خِطَابٌ خَاصٌّ إِلَّا إِنْ كَانَ ذَلِكَ تَجَوُّزًا فِي الْخِطَابِ بِأَنْ يَعْنِيَ بِهِ الْكَلَامُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: انْتَقَلَ مِنَ الْكَلَامِ الْخَاصِّ إِلَى الْكَلَامِ الْعَامِّ، قال هذا المفسر، وَهَذَا مِنْ أَسَالِيبِ الْفَصَاحَةِ، فَإِنَّهُمْ يَخُصُّونَ ثُمَّ يَعُمُّونَ. وَلِهَذَا
لَمَا نَزَلَ: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ «١» دَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَخَصَّ وَعَمَّ، فَقَالَ: «يَا عَبَّاسُ عَمُّ مُحَمَّدٍ لا أغني عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا» .
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
يَا بَنِيَّ انْدُبُوا وَيَا أَهْلَ بَيْتِي ... وَقَبِيلِي عَلَيَّ عاما فعاما
(١) سورة الشعراء: ٢٦/ ٢١٤.
1 / 152