واستدل الجمهور بأن قوله تعالى: { كتب عليكم الصيام } مجمل يحتمل أن يكون يوما أو يومين أو أكثر من ذلك فبينه بعض البيان بقوله: { أياما معدودات } وهذا أيضا يحتمل أن يكون أسبوعا أو شهرا، فبينه تعالى بقوله: { شهر رمضان } فكان ذلك حجة واضحة على أن الذي فرضه على المسلمين هو شهر رمضان.
قال ابن جرير الطبري: " وأولى الأقوال بالصواب عندي قول من قال: عنى جل ثناؤه بقوله: { أياما معدودات } أيام شهر رمضان، وذلك أنه لم يأت خبر تقوم به حجة بأن صوما فرض على أهل الإسلام غير صوم شهر رمضان ثم نسخ بصوم رمضان، لأن الله تعالى قد بين في سياق الآية أن الصوم الذي أوجبه علينا هو صوم شهر رمضان دون غيره من الأوقات، بإبانته عن الأيام التي كتب علينا صومها بقوله: { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن } فتأويل الآية كتب عليكم أيها المؤمنون الصيام، كما كتب على من قبلكم لعلكم تتقون، أياما معدودات هي شهر رمضان ".
الحكم الثاني: ما هو المرض والسفر المبيح للإفطار؟
أباح الله تعالى للمريض والمسافر الفطر في رمضان، رحمة بالعباد وتيسيرا عليهم ، وقد اختلف الفقهاء في المرض المبيح للفطر على أقوال:
أولا - قال أهل الظاهر: مطلق المرض والسفر يبيح للإنسان الإفطار حتى ولو كان السفر قصيرا والمرض يسيرا حتى من وجع الإصبع والضرس، وروي هذا عن عطاء وابن سيرين.
ثانيا - وقال بعض العلماء إن هذه الرخصة مختصة بالمريض الذي لو صام لوقع في مشقة وجهد، وكذلك المسافر الذي يضنيه السفر ويجهده، وهو قول الأصم.
ثالثا - وذهب أكثر الفقهاء إلى أن المرض المبيح للفطر، هو المرض الشديد الذي يؤدي إلى ضرر في النفس، أو زيادة في العلة، أو يخشى معه تأخر البرء، والسفر الطويل الذي يؤدي إلى مشقة في الغالب، وهذا مذهب الأئمة الأربعة.
دليل الظاهرية:
استدل أهل الظاهر بعموم الآية الكريمة { فمن كان منكم مريضا أو على سفر } حيث أطلق اللفظ ولم يقيد المرض بالشديد، ولا السفر بالبعيد، فمطلق المرض والسفر يبيح الإفطار، حكي أنهم دخلوا على (ابن سيرين) في رمضان وهو يأكل، فاعتل بوجع أصبعه.
وقال داود: الرخصة حاصلة في كل سفر، ولو كان السفر فرسخا لأنه يقال له: مسافر، وهذا ما دل عليه ظاهر القرآن.
Halaman tidak diketahui