والسعي بين هذين الجبلين شعيرة من شعائر الدين، ومنسك من مناسك الحج لا يصح التفريط فيه، لأنه تشريع الحكيم العليم، الذي أمر به خليله إبراهيم عليه السلام، حين سأل ربه أن يريه مناسك الحج
وأرنا مناسكنا وتب علينآ إنك أنت التواب الرحيم
[البقرة: 128].
فمن قصد منكم - أيها المؤمنون - بيت الله العتيق للحج، أو قصده للزيارة، فلا يتحرجن من الطواف بينهما، إذ لا إثم عليه ولا حرج لأنه إنما يسعى لله، امتثالا لأمره، وطلبا لرضاه، والمشركون يطوفون للأصنام، وأنتم تطوفون لله رب العالمين. فلا تتركوا الطواف بينهما خشية التشبه بالمشركين، فهم يطوفون بهما كفرا، وأنتم تطوفون بهما إيمانا وتصديقا لرسولي، وطاعة لأمري، فلا إثم ولا جناح عليكم في الطواف بهما، ومن تطوع بالحج والعمرة بعد قضاء حجته الواجبة عليه، فإن الله شاكر له طاعته، ومجازيه عليها خير الجزاء يوم الدين.
سبب النزول
أ - عن عائشة رضي الله عنها أن عروة بن الزبير قال لها: أرأيت قول الله تعالى: { إن الصفا والمروة من شعآئر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما... } فما أرى على أحد جناحا ألا يطوف بهما، فقالت عائشة: بئسما قلت يا ابن أختي، إنها لو كانت على ما أولتها كانت " فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما " ولكنها إنما نزلت أن الأنصار قبل أن يسلموا كانوا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها، وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فسألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله: إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة في الجاهلية فأنزل الله: { إن الصفا والمروة من شعآئر الله... } قالت عائشة ثم قد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بهما فليس لأحد أن يدع الطواف بهما.
ب - وأخرج البخاري والترمذي عن أنس رضي الله عنه أنه سئل عن الصفا والمروة فقال: " كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما جاء الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل الله: { إن الصفا والمروة من شعآئر الله.. }.
وجوه القراءات
قرأ الجمهور: (ومن تطوع) بالتاء وفتح العين على أنه ماض من التطوع، وقرأ حمزة والكسائي (ومن يطوع) بالياء مجزوم على أنه فعل مضارع إلا أن التاء أدغمت في الطاء لتقاربهما.
وجوه الإعراب
Halaman tidak diketahui