372

Tafsir and the Exegetes

التفسير والمفسرون

Penerbit

مكتبة وهبة

Lokasi Penerbit

القاهرة

Genre-genre

ظاهرًا بين الأحياء، فهم أموات، ولكن لا يشعرون، إذ لا يسمعون الحق، ولا يبصرونه، ولا يعقلونه، ولا ينطقون به، ولا يأتى منهم أمر ينفعهم فى أُخراهم، فهم شر من الأموات، وكذا كل ما كان فى القرآن مما ظاهره فى النهى عن القبائح الصورية، وتحريم الخبائث الظاهرية، كالزنا، والسرقة، والإيذاء، ونحوها مما هو علامة رذالة حال فاعله، ودليل خباثة طبع مرتكبه، كالخمر، والميتة، والدم، ونحوها مما تستقذر منه الطبائع السليمة، وتنفر منه القرائح المستقيمة، فبطنه فى النهى عن القبائح الباطنة التى هى معاداة الأئمة ﵈، والزجر عن الخبائث المعنوية التى هى أعاديهم ومنكرو ولايتهم والفضائل التى هى فيهم، فإنها أيضًا - فى استقذار الأرواح،
وتخبث القلوب، واستنفار العقول ... ونحو ذلك مثل الخبائث الظاهرة والقبائح الصورية. بل أشد كما لا يخفى، وهكذا حال بطون ما ظاهره فى الترغيب بالمبرات والأمر بالخيرات بالنسبة إلى الأئمة وولايتهم ومعرفتهم، وبالجملة المدار على تشبيه الأمور المعنوية بالصورية، كالحياة والموت والانتفاعات والتصورات الروحانية بالجسمية ... وهكذا فى البواقى. على أن فى هذا الأخير تناسبًا آخر أيضًا، وهو أنه لا خفاء فى كون النبى والأئمة صلوات الله عليهم وسائط معرفة العبادات والمأمورات، وأنهم الأصل فى قبولها فلا بُعْد إن أريدوا بها فى بطن القرآن. وكذا لا بُعْد فى كون أعدائهم من حيث مضادتهم لهم من المراد بالخبائث والمنهيات" (ص ٨) .
وفى الوجه الخامس من العلل، علَّل ما ورد من تأويل معرفة الله، وعبادته، ومخالفته، وأسفه، وظلمه، ورضاه، وسخطه، وأمثالها بمعرفة الإمام وإطاعته ومخالفته وأسفه وظلمه ورضاه وسخطه، وكذا تأويل الإمام يد الله، وعينه، وجنبه، وقلبه، وسائر ما هو من هذا القبيل مما نسبه الله إلى نفسه وخصَّه به، بالإمام ﵇، وما ورد من الأخبار فى تأويل روح الله ونفسه، ولفظ الجلالة والإله والرب الإمام ﵇.. علَّل هذه التأويلات وما شاكلها بأن الذى جرى من عادة الأعاظم والملوك والأكبر أن ينسبوا ما وقع من خدمهم بأمرهم إلى نفسهم تجوُّزًا، وكذا قد ينسبون مجازًا ما يصيب خدمهم ومقربيهم من الإطاعة والخير والشر إلى أنفسهم، إظهارًا لجلالة حال أُولئك الخدم عندهم، وإشعارًا بأنهم فى لزوم المراعاة والإطاعة ودفع الضر عنهم وجلب النفع إليهم بمنزلة مخاديمهم وفى حكمهم، بحيث أن كل ما يصل إليهم فهو كالواصل إلى المخاديم.
قال الصادق ﵇ كما سيأتى عن الكافى وغيره - إن الله تعالى - لا يأسف كأسفنا، ولكن خلق أولياء لنفسه يأسفون ويرضون وهم مخلوقون مربوبون، فجعل رضاهم رضا نفسه، وسخطهم سخط نفسه، لأنهم جعلهم الدعاة إليه والأدلاء عليه ... (الخبر) .

2 / 41