94

Tafsir Al-Uthaymeen: Surah Fussilat

تفسير العثيمين: فصلت

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٧ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

واحِدٌ، فكُلُّ استِكبارٍ فإنَّه بغَيْرِ حقٍّ، ويُسمَّى مِثْلُ هَذا القَيْدِ صِفةٌ كاشِفةً؛ أيْ: تَكشِفُ ما سَبَقَ وتُبيِّنُ حقَيقَتَه.
فإِنْ قالَ قائِلٌ: هَل مِثلُه قَولُه تَعالَى: ﴿وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ [الأعراف: ٣٣]؛ فالجَوابُ: نَعَم مِثلُها، فهِي صِفَةٌ كاشِفَةٌ.
إذَن: فحَقِيقَةُ الِاستِكبارِ أَنَّه بغَيْرِ حقٍّ، والحقُّ ضِدُّ الباطِلِ، والباطِلُ إمَّا أنْ يَكونَ في الخَبَرِ، وإمَّا أنْ يَكونَ في الطَّلَبِ. فأمَّا الباطِلُ في الخبرِ فَأنْ يَكونَ كَذِبًا، وأمَّا الباطِلُ في الحُكم فَأنْ يَكونَ جَوْرًا، وقَولُه تَعالَى: ﴿وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾ [الحج: ٦٢]، يَشمَلُ الأمْرَيْن؛ يَشْمَلُ دَعْواهم أنَّ هَذه آلهِةٌ وهَذه دَعوَى كاذِبَةٌ، ويَشمَلُ عَمَلَهم لهِذِه الآلِهَةِ، وهُو جَورٌ وظُلمٌ، حَيثُ يَعدِلون المَخلُوقَ بالخالِقِ.
وقولُه: ﴿وَقَالُواْ﴾ يَعنِي: مِن جُملَةِ ما اسْتَكبَروا بِه؛ يَقولُ المُفسِّرُ ﵀: [﴿وَقَالُواْ﴾ لمَّا خُوِّفُوا بالعَذابِ ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾، أي: لا أحَد]، و﴿مَنْ﴾ هُنا استِفْهامٌ بمَعنَى النَّفْي والإنْكارِ.
وقَدْ كرَّرْنا مِرارًا أنَّ الِاسْتِفهامَ إذا كان بمَعنَى الإنْكارِ والنَّفي صارَ أبْلَغَ مِن النَّفيِ المُجرَّدِ؛ لأنَّه يَتَضمَّنُ التَّحدَيَ.
﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ ﴿مَنْ﴾ اسْمُ استِفْهامٍ مُبتَدأٌ، و﴿أَشَدُّ﴾ خَبَرُ مُبتَدأٍ، و﴿قُوَّهً﴾ تمَيِيزٌ لـ ﴿أَشَدُّ﴾، ومنَ الضَّوابِطِ الغالِبةِ: أَنَّه إذا أَتَى الِاسْمُ مَنصُوبًا بَعْدَ اسْمِ التَّفضِيلِ كان تمَيِيزًا.
يَقولُ المُفَسِّرُ ﵀: [﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾؛ أي: لا أحَدَ،، ثُمَّ ذَكَرَ المُفَسِّرُ نَمُوذَجًا مِن قُوَّتِهم، فقال: [كان واحِدُهم يَقلَعُ الصَّخْرةَ العَظِيمةَ مِن الجَبَلِ يَجعَلُها حَيثُ

1 / 98