Tafsir Al-Uthaymeen: Surah Fussilat

Muhammad ibn Saalih al-Uthaymeen d. 1421 AH
78

Tafsir Al-Uthaymeen: Surah Fussilat

تفسير العثيمين: فصلت

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٧ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

والمَصابِيحُ هِي النَّجُومُ، وسُمِّيتْ مَصابِيحَ؛ لأنَّها بمَنزِلةِ القَنادِيلِ المُعلَّقةِ بالسَّقْفِ، فإنْ قال قائِلٌ: ظاهِرُ الآيَةِ أنَّ هَذه المَصابِيحَ مُرصَّعةٌ بالسَّماءِ! قُلْنا: إنْ كان هَذا ظاهِرُها فالواقِعُ خِلافُ ذلِك؛ ولا مانِعَ مِن أنْ تُزيَّنَ بمَصابِيحَ وإنْ لمْ تَكُنْ مُلتَصِقةً بها، أرَأيْتَ لَو أَنَّك دَلَّيْتَ مَصابِيحَ مِن سَقْفٍ عالٍ، ثُمَّ كُنْت تَحْت هَذه المَصابِيحِ، أفَلا تَكونُ هَذه المَصابِيحُ زِينَةً لِلسَّقْفِ، وإنْ كانتْ غيْرَ لاصِقَةٍ به، بَل جِهتَها - أي جِهةَ هَذا السَّقف - مُزيَّنةً بِهَذه المَصابِيحِ، فلا يَلزَمُ مِن قوْلِه: "زَّينَّا السَّماءَ الدَّنْيا بمَصابِيحَ" أنْ تكونَ مُرصَّعةً بالسَّماءِ، بلْ نَقولُ: هِي مُزيَّنةٌ بِها وإنْ كان بَينَها وبيْن السَّماءِ مَسافةٌ. وقَولُه: ﴿وَحِفْظًا﴾ أي: حَفِظْناها حِفْظًا، فالسَّماءُ مَحفُوظَةٌ، كما قال تَعالَى: ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا﴾ [الأنبياء: ٣٢]، ولِهَذا لمْ يَستَطِعْ جِبريلُ أنْ يَدْخُلَ مِن السَّمواتِ مَع أَنَّه نِازِلٌ مِنها حِين كان مَعه محُمَّدٌ ﷺ حتَّى استَأذَن له، ففي حدِيثِ المِعْراج (^١): "إنَّ جِبرِيلَ لمَّا وصَل بالنَّبيِّ ﷺ إلَى السَّماءِ الدُّنيا اسْتَفتَح؛ فقِيل: مَن هذا؟ قال: جِبرِيلُ، قِيل ومَن مَعَك؟ قال: مُحمَّد، فقِيل لَه: هَل أُوحِي إلَيْه؟ قال: نَعَم، ففُتِح لَه"؛ لِأنَّ السَّماءَ محَفُوظةٌ، لا يُمكِن أنْ يَدخُل أحَدٌ فيها إلَّا بِإذْنٍ الله؛ فإنَّ جِبْريلَ قال: "مَعِي مُحمَّدٌ، فقِيلَ: له: وقَد أُرسِلَ إلَيه؟ قال: نعَم، قالوا: مَرْحبًا بِه؛ فنِعْم المَجِيءُ جاء"، ثمَّ فتحوا لَه، فدَخَل السَّماءَ الدَّنيا ثمَّ الثَّانيَةَ والثَّالِثةَ ...، وهكَذا، ممَّا يدُلُّ على إتْقانِ حِفْظِ اللهِ ﷾ للسَّمواتِ، وأنَّها مُتقَنةٌ، علَيْها مَلائِكةٌ لا يُمكِنُ أنْ يَتَجاوَزها أحَدٌ.

(^١) أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، رقم (٣٢٠٧)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله ﷺ إلى السماوات، رقم (١٦٤)، من حديث مالك بن صعصعة ﵁.

1 / 82