Tafsir Al-Uthaymeen: Surah Fussilat
تفسير العثيمين: فصلت
Penerbit
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣٧ هـ
Lokasi Penerbit
المملكة العربية السعودية
Genre-genre
ثُمَّ قال اللهُ تعالى: ﴿لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ﴾ الخِطابُ لجميعِ العِبادِ نَهاهم أن يَسجُدوا للشَّمسِ ولا للقَمرِ؛ لأنَّ مِن النَّاسِ مَن يَعبُدُ الشَّمسَ والقَمرَ ويَسجُدُ لها، وقد أَخبَرَ النَّبيُّ ﵊: "أنَّ الشَّمسَ تَطلُعُ بين قَرنَيْ شَيطانٍ فإذا طَلُعَت سَجَدَ لها الكُفَّارُ" (^١)؛ ولذلك نُهِيَ عنِ الصَّلاةِ عندَ طُلوعِ الشَّمسِ وعندَ غُروبِها، وقال بَعضُ العُلماءِ ﵀: إنَّ المُرادَ: لا تَسجُدوا للشَّمسِ ولا للقَمرِ عندَ تَغيُّرِ هما بالكُسوفِ.
ولكن في قوله تعالى: ﴿وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ﴾ يَقولُ المُفسِّرُ ﵀: [أي: الآياتِ الأربعَ، ﴿إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾]، يَعني: إن كُنتُم صادِقينَ في عِبادتِه فلا تَسجُدوا لغَيرِه؛ لأنَّ مَن يعبُدُ اللهَ ويَعبُدُ غَيرَه ليس صادقًا في عِبادَتِه، فالصَّادقُ في عِبادَتِه هو الَّذي يُخلِصُ العِبادَةَ للهِ ﷿.
وقوله تعالى: ﴿وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ﴾ المُرادُ بِالسُّجودِ هُنا - واللهُ أعلمُ - ما هو أعمُّ مِنَ السُّجودِ الخاصِّ الَّذي هو وَضعُ الأعضاءِ السَّبعَةِ على الأرضِ؛ أي أنَّ المُرادَ بالسُّجودِ هُنا الذُّلُّ، كما قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا﴾ [الرعد: ١٥].
ويَحتَمِلُ أن يَكونَ المُرادُ به السُّجودَ الخاصَّ؛ لقَولِه: ﴿لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ﴾ والقاعدَةُ في عِلمِ التَّفسيرِ أنَّه إذا كان اللَّفظُ يَحتَمِلُ مَعنيينِ أَحدُهما أوسعُ وأعَمُّ وأشمَلُ، فإنَّه يُحمَلُ على الثَّاني الَّذي هو أَوسَعُ وأعمُّ.
وقوله تعالى: ﴿وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ﴾ الَّذي خَلَقَ هذه الأشياءَ، وفي
(^١) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب إسلام عمرو بن عبسة، رقم (٨٣٢)، من حديث عمرو بن عبسة ﵁.
1 / 199