94

Tafsir Al-Uthaymeen: Stories

تفسير العثيمين: القصص

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

وَلَا يَصِحُّ تَقْدِيرُ: أَجْرَ الَّذِي سَقَيْتَ؛ لأنَّها تريد مِن والدها أَنْ يُعْطِيَهُ أجر سَقْي الغَنَم، ولا تُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَهُ أجرَ الغَنَم. قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [فأجَابَهَا مُنْكرًا فِي نَفْسِهِ أَخْذَ الْأُجْرَةِ]، أي أَجَابَ مُوسَى دعوةَ أبيها، وَهُوَ يُضْمِرُ أخذَ أُجرة، وهذا نستنتجه مِنْ أَنَّ مُوسَى فَعَلَ ذَلِكَ للَّه، وَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا للَّهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَأْخُذَ أَجْرًا فِي الدُّنْيَا، وَلَكِن هَذَا لَا يُعِين أَنْ يَكُونَ موسى يأخذ أجرًا، وَنَحْنُ لَا نَشْهَدُ أَنَّ مُوسَى فِي تِلْكَ الحْالِ حينما أجابَ الدعوة قَدْ أَضْمَرَ فِي نَفْسِهِ أَخْذَ الْأُجْرَةِ، وَمَا نَدْرِي فَقَدْ يَكُونُ موسى ﵊ يأخذ الأُجرة؛ لأنَّه محتاج، ويأخذُها لِسَدِّ حاجته، وَقَدْ لَا يَأْخُذُهَا؛ تكَرُّمًا منه. إما أَنَّهُ مَمْنُوعٌ، فإن الإِنْسَان يأخذ أجرًا مُقَدَّمًا عَلَى مَا يَفْعَلُهُ للَّه، ثُمَّ لَا مَانِعَ أَنْ يَأْخُذَهُ لو كُوفِئ به مكافأةً، بَلْ إِنَّ الرَّسُول ﵊ لمَّا بَعَثَ عُمَرَ عاملًا عَلَى الصَّدَقَةِ وأعطاه، قال: أَعْطِه أَفْقَرَ مِنِّي، فقال: "مَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا المَالِ، وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ؛ فَخُذْهُ" (^١). وَمَعْلُومٌ أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يتطلع إِلَى أَخْذِهِ، بِدَليلِ أَنَّهُ قَالَ: أعطه أَفْقَرَ مِنِّي. فالإِنْسَان الَّذِي يَعْمَلُ عَمَلًا للَّهِ إِذَا كُوفئ عَلَيْهِ لَا يَبْطُلُ عملُه، مَا دَامَتْ نِيَّتُهُ فِي الْأَصْلِ خَالِصَةً للَّهِ. إذن: فَدَعْوَى أَنَّ مُوسَى كَانَ مُنْكِرًا فِي نَفْسِهِ أَخْذَ الْأُجْرَةِ لَيْسَ عَلَيْهَا دَلِيلٌ، وَلَيْسَ لَنَا الْحَقُّ أَنْ نَتَكَلَّمَ فِي هَذَا، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُهُ.

(^١) أخرجه البخاري: كتاب الزكاة، باب من أعطاه اللَّه شيئًا من غير مسألة ولا إشراف نفس، رقم (١٤٧٣)، ومسلم: كتاب الزكاة، باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير مسألة ولا إشراف، رقم (١٠٤٥).

1 / 98