342

Tafsir Al-Uthaymeen: Stories

تفسير العثيمين: القصص

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

وَلِهَذَا قَال: ﴿وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ كَأَنَّهُ يَقُولُ: اغتنم هَذِهِ المُدَّةَ الَّتِي هِيَ نَصِيبُك مِنَ الدُّنْيَا اغتَنِمْها للآخِرة، ويَحتمل -وَهُوَ الأقرب- ﴿وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ أَنَّنا لا نأمُرُك بأن تُنْفِقَ جميعَ مالِكَ طلبًا للآخِرَة، بل اطلُب الآخرة فيه، وخُذ نَصِيبًا مِنَ الدُّنْيَا لك، فَنَحْنُ لَا نُرِيدُ أَنْ تَنْخَلِع مِنْ مَالِكَ، ولكننا نُرِيدُ أَنْ تَبْتَغِيَ به الدَّارَ الآخِرَةَ، وَمَعَ ذَلِكَ فخذ نَصِيبَك مِنَ الدُّنْيَا مِن طَيِّب المأكَل، ونظافَة المنزل، والثياب، والزوجات، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
وَهَذَا المَعْنَى أقربُ وأصَحُّ؛ لأنَّنا عَلَى المَعْنَى الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ المُفَسِّر ﵀ تَكُونُ الآيَةُ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ التَكْرَار، فَقَدْ تَكُونُ سَبَبًا لِجَلْبِه وقَبُولِه النصيحةَ، وَقَدْ يَكُونُ قولُهم له بطلب الآخرة، وعَدَمِ نِسيان حَظِّهِ مِنَ الدُّنْيَا أَنَّ هَذَا أَقْرَبُ إِلَى قَبُولِ النصيحة، والأخيرُ أقربُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ: هَذَا المَالُ الْعَظِيمُ الَّذِي مفاتيحه تَنُوءُ بالعُصبة ابْتَغِ به كُلَّه الدَّارَ الآخِرةَ. فالمتبادَر أنه لن يَقْبَلَ، لَكِنْ إِذَا قِيلَ: ابتغِ به الآخِرة، وتَمَتَّعْ بالدُّنيا بِنَصِيبِك، فهَذَا يَكُونُ أدعى للقَبُول، وَهُوَ أَيْضًا مِنَ الأساليب الحَسَنة فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ ﷾.
والنبي ﷺ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: "إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ" (^١).
فَلَا تَقُلْ: إني أقومُ الليلَ، وأَصُومُ النهارَ ما عِشْتُ، هَذَا خَطَأٌ، فإِنَّ لربِّك عليك حقًّا بعبادته، ولكنْ لنفسك عليك حقٌّ بإعطائها الراحةَ، فالصَّواب هُوَ هَذَا، وَلَا تَنْسَ نَصِيبَك مِنَ الدُّنْيَا.

(^١) أخرجه البخاري: كتاب الصوم، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع، ولم ير عليه قضاء إذا كان أوفق له، رقم (١٨٦٧).

1 / 346