124

Tafsir Al-Uthaymeen: Stories

تفسير العثيمين: القصص

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

ترَى هَذَا إِذَا كَانَ الإِنْسَان يُرِيدُ أَنْ يُخْبِرَ عَنِ الفعل، أمَّا إِذَا كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُخْبِرَ عَنْ عزيمته عَلَى الْفِعْلِ، فَلَا يَلْزَمُهُ قول: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، إِذَا كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُخْبِرَ عَنِ العزيمة يقول: سأفعل غدًا، أي: هَذِهِ نيتي وعزيمتي، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ القَرن بالمشيئة؛ لأن العزيمة حاصلة، فقد شاءها اللَّه، وَإِذَا كَانَتْ حاصلة، وقد شاءها اللَّه، فليست هناك حاجة أَنْ نَقُولَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ شاءها، ففرْق بَيْنَ أَنْ يَقُولَ إنسان: سأزورك غدَا. وَهُوَ يُرِيدُ وُقُوعَ الْفِعْلِ، وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ: سأزورك غدًا. وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُخْبِرُ عَمَّا فِي قَلْبِهِ مِنَ النِّيَّةِ والعزيمة، بَيْنَهُمَا فَرْقٌ، ففي الْأُولَى لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وفي الثَّانِيَةِ لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فالعزيمة أمرٌ واقع، وأمَّا الفعل فأمرٌ مُسْتَقبل، فهذا أَمْرٌ لَا يُسْتَحَبُّ فِي العزيمة، إِلَّا إِذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ التعليم، فَلَا بَأْسَ، كَمَا قَالَ الرَّسُولُ ﷺ: "وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ" (^١). يعني: حقًّا، وقال اللَّهُ تعالى: ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾ [الفتح: ٢٧]. الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: يُستفاد مِنْ قَوْلِهِ تعالى: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ أَنَّ صَاحِبَ مَدْيَن مؤمن؛ لأن مِثْلَ هَذِهِ الصيغة لَا تَكُونُ إِلَّا مِنْ مُؤْمِنٍ ملتزم بالشريعة. الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: أن الصَّلَاحَ فِي كُلِّ مَوْضِع بحَسَبه، ففي العبادةِ يكون الصَّلَاحُ فِي الْإِخْلَاصِ والمتابعة. أي: الْقِيَامُ بِمَا يَجِبُ مِنَ الْإِخْلَاصِ، والمتابعة للَّه، وترك المَنْهِيَّاتِ، وفعل المأمورات، وَالصَّلَاحُ فِي المُعَامَلَةِ بالْوَفَاءِ بِما يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، هذا هو الصَّلَاحُ فِي المُعَامَلَةِ الْوَفَاءُ بِما يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ. وهنا فِي قَوْلِهِ تعالى: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ نجد أَنَّ الأَلْيَق

(^١) أخرجه مسلم: كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، رقم (٩٧٤، ٩٧٥).

1 / 128