86

Tafsir Al-Uthaymeen: Saba

تفسير العثيمين: سبأ

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

وتَلْيِين الحديد له، وتَوْجيهه كيف يَصنَع هذه الدُّروعَ قال تعالى: ﴿وَاعْمَلُوا﴾ [أيْ: آلَ دَاوُدَ مَعَهُ]. وقوله تعالى: ﴿وَاعْمَلُوا﴾ كيف عَدَل عن ضَمير المُفرَد: ﴿وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾ إلى ضَمير الجمْع ﴿وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾؛ لأنَّ تَقدير السَّرْدِ خاصٌّ بداوُدَ ﵇، والعمَلُ الصالِحُ عامٌّ له ولغيره، فوجَّهَ الخِطاب إلى جميع آل داوُدَ ﵇ قال ﷾: ﴿وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾. وقوله تعالى: ﴿صَالِحًا﴾ هو صِفة لمَوْصوف مَحذوف، والتَّقديرُ: عمَلًا صالِحًا، والعمَلُ الصالِح ما جمَع وَصْفين: الإخلاص لله تعالى، المُوافَقة لشَريعته، فلا بُدَّ فيه من هَذَيْن الشَّرْطين، فإن فُقِد الإخلاصُ فليس بصالِحٍ لوُجود الشِّرْك؛ وقد قال الله ﷾ في الحديث القُدسيِّ: "أنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي ترَكته وَشِرْكَهُ" (^١). والشَّرْطُ الثاني: المُوافَقة لشريعة الله تعالى، فإن لم يُوافِقْ شَريعة الله تعالى فإنه ليس بصالِح ولا يُقبَل؛ والدليل قوله ﷺ: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ" (^٢)، وقوله ﷾: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: ٢١]، فلا بُدَّ لقَبول العمَل الصالِح من هَذين الشَّرْطين. وقوله تعالى: ﴿إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ هذه الآيةُ فيها تَقديمٌ وتَأخيرٌ، فقوله تعالى: ﴿بَصِيرٌ﴾ هو المُؤخَّر، والمُقدَّم المَعمول، فإن قُلْتَ: من القَواعِد المُقرَّرة أنَّ

(^١) أخرجه مسلم: كتاب الزهد، باب من أشرك في عمله غير الله، رقم (٢٩٨٥)، من حديث أبي هريرة ﵁. (^٢) أخرجه مسلم: كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور (١٧١٨)، من حديث عائشة ﵂.

1 / 92