203

Tafsir Al-Uthaymeen: Saba

تفسير العثيمين: سبأ

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

-والعِياذُ بالله تعالى- في الدُّنيا تَجِد يَأتي إليه المُستكْبِر هذا الرئيسُ يَدعوه بلُطْف تامٍّ، وفي الآخِرة يَلعَن بعضُهم بعضًا، وَيتبَرَّأ بعضُهم من بعضٍ. وانظُرْ إلى مَلِك غسَّانَ لمَّا بلَغه أن النبيَّ ﷺ هجَرَ كَعْبَ بنَ مالِكٍ ﵁ أَرسَل إليه خِطابًا لطيفًا رَقيقًا وقال له: إنه بلَغَنا أن صاحِبَك قد هجَرَك، فأْتِ إلينا نُواسِكَ (^١). انظُرْ إلى التَّلطُّف! ! ولكن لم يَنخَدِع كَعْبٌ ﵁، لإيمانه، وخاف أن يَنخَدِع في المُستَقبَل فذهَبَ إلى التّنُّور وأَوْقَد هذه الورَقةَ، وهكذا كل شيء تَخشَى على نَفْسك منه في المُستَقبَل يَجِب عليك أن تُتْلِفَه، لا تَقُلْ: إني الآنَ ما يُمكِن أن أَفعَل هذا الشيءَ أبَدًا، ولا يُمكِن أن أَضِلَّ به، صحيح أنك في بادِئ البَدْء قد لا تَنخَدِع، لكنَّ الشيطان يَعمَل عمَله، ولهذا يَجِب عليك أن تُتْلِفَ كُلَّ ما تَخشَى أن تَكون عاقِبَتُه عليك وخيمةً. الحاصِلُ: أنَّ هؤلاءِ في الآخِرة ما يَتوَدَّدون ولا يَتَلطَّفون ولا يَفهَمون هؤلاءِ الأَتباعَ. وقوله تعالى: ﴿بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ﴾ والإجرام هو الذَّنْب الذي لا يَرتَفِع. من فوائد الآية الكريمة: الْفَائِدَة الأُولَى: أن هؤلاءِ الرُّؤَساءَ كانوا مُستكْبِرين مُستَعْلين على المَرؤُوسين؛ لقوله تعالى: ﴿قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا﴾. الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: بيانُ تَبرُّؤِ المَتبوعين من الأَتْباع، لقولهم: ﴿أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ

(^١) أخرجه البخاري: كتاب المغازي، باب حديث كعب بن مالك، رقم (٤٤١٨)، ومسلم: كتاب التوبة، باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه، رقم (٢٧٦٩)، من حديث كعب بن مالك ﵁.

1 / 209