203

Tafsir Al-Uthaymeen: Luqman

تفسير العثيمين: لقمان

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

لكن بعد أن يَتكوَّن يَعلَمه غيرُ اللَّه فهذا المَلَك يَعلَم أنه ذَكَر أم أُنثَى.
وقوله ﷾: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾: ﴿نَفْسٌ﴾ نَكِرة في سِياق النَّفي، و﴿تَدْرِي﴾ بمَعنَى: تَعلَم، والنَّفْس هنا نَكِرة في سِياق النَّفْي فتَعُمُّ كلَّ نَفْس، فأيُّ نَفْس لا تَدرِي ماذا تكسِب غدًا حتى لو كان من أَمهَر الناس في التَّدبير والتَّنظيم لوَقْته فلا يَدرِي ماذا يَكسِب غَدًا؛ وإذا كانت النَّفْس لا تَدرِي ماذا تَكسِب فإنها لا تَدرِي ماذا يَكسِب غيرُها من بابِ أَوْلى؛ وإذا كانَتْ لا تَستَطيع أن تَعلَم ما يَتعَلَّق بعِلْم المَخلوق فكيف تَعلَم ما يَتعَلَّق بعِلْم الخالِق؛ فمِن بابِ أَوْلى أن لا تَعلَمه.
إِذَنْ: فلا أحَدَ يَدرِي ماذا يَكسِب غَدًا من خيرٍ أو شَرٍّ أو مال أو ولَد أو غير ذلك؛ وقد يَتَوقَّع الإنسانُ الشيء، ولكنه لا يَحصُل له؛ إذ يُصرَف عنه أو يُحال بَينَه وبَينَه بسبَب فلا يَصِل إلى كَسْبه.
وقوله ﷾: ﴿مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾ ما المُرادُ بالغَدِ: اليَوْم المُباشِر ليَوْمك أو كل المُستَقبَل؟
الجَوابُ: المُرادُ كل المُستَقبَل، فلا تَدرِي ماذا تَكسِب فيه ولو كان بَعيدًا، لقوله ﷾: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ [الحشر: ١٨] فهل يَعنِي: ليوم الأَحَد بعد يوم السَّبْت؟
الجَوابُ: لا، بل ليوم القِيامة، فكُلُّ مُستَقبَل يَصِحُّ أن يُطلَق عليه غَد.
وكلِمة ﴿غَدًا﴾ مَنصوبة، وهي مَفعول لـ ﴿تَكْسِبُ﴾ مَفعول فيه؛ لأنها ظَرْف؛ يَعنِي: ماذا تَكسِب في غَدٍ؛ ومنه قول الشاعِرِ:

1 / 207