Tafsir Al-Uthaymeen: Juz' Amma
تفسير العثيمين: جزء عم
Penerbit
دار الثريا للنشر والتوزيع
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
Lokasi Penerbit
الرياض
Genre-genre
فيقولون مثلًا: قتل فلان ما أسوأ خلقه، قتل فلان ما أخبثه وما أشبه ذلك. وقوله تعالى: ﴿قتل الإنسان﴾ قال بعض العلماء: المراد بالإنسان هنا الكافر خاصة، وليس كل إنسان لقوله فيما بعد ﴿ما أكفره﴾ ويحتمل أن يكون المراد بالإنسان الجنس، لأن أكثر بني آدم كفار كما ثبت في الحديث الصحيح: أن الله يقول يقوم القيامة: «يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فيقول له الله ﷿: أخرج من ذريتك بعثًا إلى النار. فيقول: يا رب، وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسع مئة وتسعة وتسعين» (^١)، فيكون المراد بالإنسان هنا الجنس ويخرج المؤمن من ذلك بما دلت عليه النصوص الأخرى. ﴿ما أكفره﴾ قال بعض العلماء إن ﴿ما﴾ هنا استفهامية أي: أي شيء أكفره؟ ما الذي حمله على الكفر؟ وقال بعض العلماء: إن هذا من باب التعجب يعني ما أعظم كفره! وإنما كان كفر الإنسان عظيمًا لأن الله أعطاه عقلًا، وأرسل إليه الرسل، وأنزل عليه الكتب وأمده بكل ما يحتاج إلى التصديق، ومع ذلك كفر فيكون كفره عظيمًا. والفرق بين القولين أنه على القول الأول تكون ﴿ما﴾ استفهامية أي: ما الذي أكفره؟ وعلى القول الثاني تكون تعجبية يعني عجبًا له كيف كفر مع أن كل شيء متوفر لديه في بيان الحق والهدى والكفر والإيمان!! والكفر هنا يشمل كل أنواع الكفر، ومنه إنكار البعث فإن كثيرًا من الكفار كذبوا بالبعث، وقالوا: لا يمكن أن يُبعث الناس بعد أن كانت عظامهم رميمًا كما قال تعالى: ﴿وضرب لنا مثلًا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم﴾ [يس: ٧٨] .
ولهذا قال: ﴿من أي شيء خلقه﴾ استفهام تقرير لما يأتي بعده في قوله: ﴿من نطفة خلقه﴾ يعني أنت أيها الإنسان الذي تكفر بالبعث؟ من أي شيء خلقت؟ ألم تخلق من
(^١) أخرجه البخاري كتاب الرقاق، باب "إن زلزلة الساعة شيء عظيم" (٦٥٣٠) .
1 / 64