Tafsir Al-'Uthaymeen: Faatir
تفسير العثيمين: فاطر
Penerbit
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣٦ هـ
Lokasi Penerbit
المملكة العربية السعودية
Genre-genre
قَوْله تعالى: ﴿فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾ أي: فلا أحد يُمْسِكُها، بل سَتَصِلُ إلى مَن فَتَحَها الله تعالى له، ولا يَرُدُّها أحد، كما جاء في الحديث الصَّحيحِ؛ أنَّ الرَّسُول ﷺ بعد أن يَرْفَعَ من الرُّكوعِ كان يقول: "اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ" (^١) ويقَوْلُهُ كذلك بعد الصَّلاة (^٢)، وقال النَّبِيُّ ﷺ لعبد الله ابن عباس: "وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَم يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَو اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ ... " (^٣).
فلا أحد يَسْتَطِيعُ أن يُمْسِكَ رَحْمَةَ الله مهما عَمِلَ، حتى لو حاول الحَسَدَ والتَّشْوِيهَ ومَنْعَ الرِّزْق لا يَسْتَطِيعُ، إذا فتح الله الرَّحْمَة للعَبْدِ فلا أحد يَسْتَطِيعُ أن يَحُولَ بينه وبينها؛ ولهذا جاءتْ: ﴿فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾.
و(لا): نافيةٌ للجِنْس، وهي أنَصُّ شَيْء على العُمومِ؛ ولهذا عُمومُ لا النافِيَةِ للجِنْسِ لا تَخْصيصَ فيه أَبَدًا.
والضَّميرُ في ﴿لَهَا﴾ يعود على الرَّحْمَةِ.
وَقَوْله تعالى: ﴿وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ﴾ لعلَّكَ تتوقَّع أن يكون نَصُّ الآيَة الكريمَةِ (وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهَا)؛ لأنَّ الكَلَام الآن في الرَّحْمَة وهو في الجُمْلَة الأولى قال: ﴿فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾ فيَقْتَضي أن تكون الجُمْلَةُ الثانية كالأُولى؛ أي: (وَمَا
_________
(^١) أخرجه مسلم: كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، رقم (٤٧٨)، من حديث ابن عباس ﵄.
(^٢) أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، رقم (٨٤٤)، وأخرجه مسلم: كتاب المساجد، باب استحباب الذكر بعد الصلاة، رقم (٥٩٣)، من حديث المغيرة بن شعبة ﵁.
(^٣) أخرجه الإمام أحمد (١/ ٢٩٣)، والترمذي: كتاب صفة القيامة، رقم (٢٥١٦).
1 / 25