10

Tafsir Al-'Uthaymeen: Faatir

تفسير العثيمين: فاطر

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

وهذه الأَجْنِحَة ﴿مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ وأكْثَرُ؛ ولذا قال: ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾. قَوْله تعالى: ﴿مَثْنَى﴾ ظاهِرُها أنَّ ذلك في العَدَدِ لا في الصِّنْفِ؛ لأنَّ هذا هو الأَصْلُ، ويُحْتَمَل أن يكون في الصِّنفِ؛ لأنَّنا نرى الطَّائِر مثلًا له جناحان، لكنْ كُلُّ ريشة مِن هذه الأَجْنِحَة لها عملٌ خاصٌّ في تَكْييفِ الطَّيَرانِ، منها مثلًا ما يَنْصِبُه حتى يرتَفِع، ويَخْفِضُه حتى يَنْزِل، وَيفْرِشُه حتى يَسْتَقِرَّ، هذا شَيْءٌ مُشاهَد؛ ولهذا بعض الأحيان تُنْتَفُ أَشْياءُ مُعَيَّنةٌ من الجناح ثُمَّ لا يَطيرُ، مع أنَّ الباقِيَ في جناحه أكثَرُ مَمَّا نُتِفَ بكثيرٍ، فيُحْتَمَل أنَّ قَوْله تعالى: ﴿مَثْنَى﴾ يعني: باعتبار الصِّنفِ. ﴿وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ ويُحْتَمَل أنَّه باعتبارِ العَدَدِ وأنَّ المَلائِكَةَ بَعْضُهم له جناحان، وبَعْضُهم له ثلاثة، وبَعْضُهم له أربعَةٌ، ولا ينافي ذلك أنَّ جبريل ﵊ له سِتُّ مِئَة جناح؛ لأنَّ الله ﷾ يقول: ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾ ويكون مِمَّا زاده أنْ جَعَلَ لجِبْريلَ سِتَّ مِئَةِ جناحٍ. فإذا قُلْتَ: هل نعرف كيَفِيَّة هذه الأَجْنِحَة؟ فالجواب: لا؛ كَيْفِيَّة هذه الأَجْنِحَة لا نعلمها، وهذا نَظيرُه تمامًا ما جاء في صِفاتِ الله ﷿؛ فإنَّنا نَعْلَمُ مَعْنى الصِّفَة، ولكِنَّنا نَجْهَل كَيْفِيَّة الصِّفَة، للهِ ﷿ وَجْهٌ، نعلم مَعْنى الوَجْه، لكن هل نَعْلَمُ كَيْفِيَّته؟ الجوابُ: لا؛ لأنَّ ما غاب عنك لا يخاطِبُك الله به إلا بِبَيانِ معناه فقط، وأمَّا كَيْفِيَّته فلا يُمْكِنُك إدراكُها؛ لأنَّه غائِبٌ ولا نَظيرَ له، والشَّيءُ لا يُعْرَفُ إلا بِمُشاهَدَتِه أو مُشاهَدَة نَظيرِهِ أو الخَبَرِ الصَّادِقِ عنه. ونُعْرِبُ: ﴿مَثْنَى﴾ بدلًا أو صفةً لـ ﴿أَجْنِحَةٍ﴾ وبدَلُ المَجْرورِ مَجْرورٌ، وعلامة جَرِّهِ فَتْحَةٌ مُقَدَّرَة على الأَلِف نيابَةً عن الكَسْرَة، والمانِعُ من الصَّرْف الوَصْفِيَّةُ والعَدْلُ.

1 / 14