Tafsir Al-Uthaymeen: Az-Zumar
تفسير العثيمين: الزمر
Penerbit
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣٦ هـ
Lokasi Penerbit
المملكة العربية السعودية
Genre-genre
- بنحو شِبْر -، وقد قيل: إنه كان إلى غير الصالِحة أقرَبَ، لكنه في سِياق الموت من شِدَّة رَغْبته في الأرض الصالِحِ أهلُها كان يُزَحزِح نَفْسه، فقَبَضَتْه مَلائِكة الرحمة (١).
قالوا: فإذا كان هذا في الأُمَم السابِقة فهذه الأمةُ أَكرَمها الله تعالى من الأُمَم السابِقة، فكيف لا يَكون لها تَوْبة للقاتِل تَوْبة؟!
إذَنِ القول الراجِحُ: أن الآية هذه عامَّة حتى للقاتِل له تَوْبة، وقد حمَل ابنُ القيِّم (٢) ﵀ ما رُوِيَ عن ابن عبَّاس ﵄ مَحمَلًا حسَنًا، فقال: إن قَتْل العَمْد تَتَعلَّق به ثلاثة حُقوق: حقُّ الله تعالى، وحقُّ الميت، وحقُّ أَوْليائه: أمَّا حقُّ الله تعالى فإنه يَسقُط بالتَّوْبة بلا إشكالٍ، ولا يَخفَى مثل هذا عن ابن عبَّاس ﵄؛ وأمَّا حقُّ الميت فلا يُمكِن إسقاطه الآنَ في الدنيا؛ لأنه انتَقَل عن الدُّنيا وسيُطالِب بحقِّه يومَ القيامة؛ وأمَّا حقُّ أَوْلياء المَقتول بأن يُسلِّم نَفْسه لهم، فإذا سلَّم نَفْسه لهم، فهذا دليل على صِدْق تَوْبته وتَبرَأ ذِمَّته؛ هذا ما وجَّه ابنُ القيِّم ﵀ كلامَ ابنِ عباس ﵄ إليه.
وعِندي أنه إذا تاب: تاب الله عليه حتى عن حقِّ الميت المَقتول، والله ﷿ يَتَحمَّل حقَّ المَقتول يوم القِيامة ويُرضِيه.
وذلك لعُموم الأدِلَّة الدالَّة على أن مَن تاب من الذَّنْب وإن عظُم فإن الله تعالى يَتوب عليه، فإذا جاء هذا الرجُل تائِبًا وسلَّم نَفْسه لأَوْلياء المَقتول وقال: أنا الآنَ بين أيديكم إن شِئْتم القِصاص أو الدِّيَة أو العَفْو، فهذا أعلى ما يَقدِر عليه، وقد قال الله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦].
(١) أخرجه البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، رقم (٣٤٧٠)، ومسلم: كتاب التوبة، باب قبول توبة القاتل، رقم (٢٧٦٦)، من حديث أبي سعيد الخدري ﵁.
(٢) الجواب الكافي (ص ١٤٦ - ١٤٧).
1 / 378