260

Tafsir Al-Uthaymeen: Az-Zumar

تفسير العثيمين: الزمر

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

نكِرة، والنَّكِرة في سِياق الإثبات لا تُفيد العُموم، ولكنها هنا في سِياق ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ﴾ أي: صاحِب انتِقام، فكلَّما كانت الحِكْمة في الانتِقام انتَقَمَ.
وتَأمَّل قوله تعالى: ﴿ذِي انْتِقَامٍ﴾ ولم يَقُل: مُنتَقِم؛ لأنه ليس من أَسماء الله تعالى المُنتَقِم ولم تَأتِ المُنتَقِم في أسماء الله تعالى في حديثٍ صحيح، وإنما جاءَت باسْمِ الفاعِل مُقيَّدًا، كقوله تعالى: ﴿إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ﴾ [السجدة: ٢٢]، ولم يَقُل: إنا مُنتَقِمون. وقال: ﴿ذِي انْتِقَامٍ﴾ أي: صاحِب انتِقام في مَوضِعه، فالمُنتَقِم ليس من أسماء الله تعالى حتى وإن قُرِنت بالعَفوِ خِلافًا لما ذهَب إليه بعض العُلَماء ﵏ من أنه إذا قُرِنت بالعَفو فلا بأسَ، بل نَقول: المُنتَقِم ليس من أسماء الله تعالى لا مَقرونًا بالعَفوِ ولا مُنفرِدًا عنه، لكنه يُوصَف بالانتِقام مُقيَّدًا ﴿إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ﴾، ويُوصَف بأن الانتِقام يَصدُر مِنه لا أنه مُنتَقِم؛ لقوله تعالى: ﴿بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ﴾.
فإن قال قائِل: هل يَجوز أن يَكون المُنتَقِم من أسماء الله تعالى المُقيَّدة؟
قُلنا: لا، لأن الله تعالى قيَّد الانتِقام لمَّا وصَف نفسَه باسمِ الفاعِل قيَّده، وهنا نَقول:
أوَّلًا: إن أسماء الله تعالى كلُّها مُتَضمِّنة لصِفات، فكلُّ اسمٍ فهو مُتضَمِّن لصِفة، أو أكثَرَ من صِفة، وليس كلُّ صِفة تَتَضمَّن اسمًا.
إِذَنِ: الصِّفات صارت أَوسَعَ من الأسماء.
ثانيًا: الصِّفاتُ منها ما وصَفَ الله تعالى بها نَفْسه فهذا لا شَكَّ في أنه جائِز، ولكننا نَصِفُ الله تعالى به على حسَب ما وصَفَ به نَفْسه؛ فقال الله ﷿: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾ [إبراهيم: ٤٧] هنا لا نَقول: إن الله تعالى مُنتَقِم، بل نَقول: ذو انتِقامٍ

1 / 264