217

Tafsir Al-Uthaymeen: Az-Zumar

تفسير العثيمين: الزمر

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

أخلاقه تَتَغلَّب على أَخْذه بحَقِّه. وهكذا يَنبَغي للإنسان أن يَكون حسَن الأخلاق وأن يَتَغاضى عن بعض حَقِّه، ولو كان في ذلك أذيَّةٌ لنَفْسه، وأنه إن قالت له نَفْسه: إن تَواضُعَك وعَفوَك عن حقِّك ذُلٌّ لك. لِيَعلَمْ أن هذا من وَساوِس الشَّيْطان؛ لأن النبيَّ ﷺ قال: "مَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَنْ تَوَاضَعَ للهِ رَفَعَهُ اللهُ" (١)، فلا تَغلِبك نَفْسك وتَأخُذك العِزَّة بالإِثْم فتَقول: لا يُمكِن أن أَسكُت عن هذا الرجُلِ - وأنا مَن أنا! - حتى يَعتَدِيَ عليَّ أنا فلانُ ابنُ فلان. فلْيَعلَم أن هذا من الشَّيْطان، ويَتذَكَّر قوله تعالى: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [الشورى: ٤٠]، وقوله تعالى ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا﴾ أي: ما يُوفَّق لها ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [فصلت: ٣٤ - ٣٥]. وقول المُفَسِّر ﵀: [(ورَجُلًا سالِمًا لرجُل)] قوله: (سالِمًا) هي قِراءة، والمُفسِّر ﵀ فسَّر عليها، والسالِم يَعنِي: الخالِص كما فسَّرَها خالِصًا لرجُل ﴿هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا﴾ يَقول: (مثَلًا) تَمييز. والتَّمييز هو من مَيَّز إذا بَيَّن، وقد حدَّه ابنُ مالِكٍ ﵀ في الألفية فقال: اسْمٌ بِمَعْنَى (مِنْ) مُبِينٌ نَكِرَهْ ... يُنْصَبُ تَمْيِيزًا بِمَا قَدْ فَسَّرَهْ (٢) ومِثاله: قولهم: تَصبَّب زيدٌ عرَقًا. فعرَقًا هذه تَمييز، بتَطبيقها على التَّعريف نَجِد أنها اسمٌ بمَعنى (مِن)؛ لأنك تَقول: تَصبَّب من العرَق. و(مُبينٌ) أي: مُفسِّر لكلِمة

(١) أخرجه مسلم: كتاب البر والصلة، باب استحباب العفو والتواضع، رقم (٢٥٨٨)، من حديث أبي هريرة ﵁. (٢) الألفية (ص ٣٤).

1 / 221