Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf
تفسير العثيمين: الزخرف
Penerbit
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣٦ هـ
Lokasi Penerbit
المملكة العربية السعودية
Genre-genre
لكِنَّها فِي المَعْنَى مُفيدَةٌ، تُفِيدُ التَّوكِيدَ، ولَوْلَا القُرآنُ لكَانَ السِّياقُ: (مَا لهمْ بذَلِكَ عِلْمٌ)، لكِنْ تُزادُ الحُرُوفُ للتَّوكيدِ؛ لتَوكِيدِ النَّفيِ فِي هَذه الآيةِ يَعْنِي: أن قَولهمْ: ﴿لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ﴾ قَوْلٌ مَبنِيٌّ عَلَى الخرْصِ والظَّنِّ، والمُحَاجَّةِ بالبَاطِلِ، وإلَّا فهُمْ عَمِلُوا وعَبَدُوا بدُونِ أَنْ يَعلَمُوا أنَّهُ مَكتُوب علَيهِمْ؛ لأنهُ لَا يُعلَمُ المَكتُوب إلَا إِذَا وَقَعَ.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: أن هؤُلَاءِ احتَجُّوا بالقَدَرِ فقَالُوا: ﴿لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: بُطْلَانُ الاحتِجَاجِ بالقَدَر؛ لقَولِهِ: ﴿مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ﴾.
وقَولهمْ: ﴿لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ﴾ صَحِيحٌ، لكِنَّ الاحتِجَاجَ بِهِ غَيرُ صَحِيحٍ، لَوْ شَاءَ الرَّحمنُ مَا عبَدُوهُم كقَوْلِهِ: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا﴾ [البقرة: ٢٥٣]، فهَذَا القَوْلُ صَحِيح، لكِنَّ الاحتِجَاجَ بِهِ غَيرُ صَحِيحٍ، وإنَّما قُلْنا: إنَّهُ صَحِيحٌ، لأَنَّ اللهَ تعَالى يَشَاءُ كُلَّ شَيءٍ، كُل شَيءٍ فهُوَ وَاقِعٌ بمَشيئَةِ اللهِ، لكِنْ لَا حُجَّةَ بشَيءٍ لَا تَعْلَمُه أنْتَ، إِذْ إِنَّك لَا تَعْلَمُ أن هَذَا مُقدَّرٌ عَلَيكَ إلا إذَا وَقَعَ، فالقَدَرُ سِرّ مَكْتُومٌ لَا يُعلَم إلَّا إِذَا وَقَعَ المَقْدُورُ.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: الرَّدُّ عَلَى القَدَريَّةِ الَّذِينَ يُنكِرُون أن اللهَ تعَالى يَشَاءُ أفعَال العِبَادِ، فالقَدَريَّةُ -وهُمُ المُعتَزِلَةُ- يَقُولُون: إنَّ الإنسَانَ خَالِقُ عمَلِهِ، مُريدٌ لَهُ، مُستَقِلّ بِهِ، وأنَّ اللهَ ﷾ لَا إرَادَةَ لَهُ بِهِ، سُبْحَانَ اللهِ! أيقُولُ اللهُ ﷿: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩)﴾ [القمر: ٤٩] وتَقُولُون أنْتُم: لَا؟ !
1 / 93