36

Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf

تفسير العثيمين: الزخرف

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

بذَلِكَ؛ لأَنَّ البعْضَ يَقُولُ: الحُجَّةُ قَائمَةٌ بوجُودِ الكِتَابِ والسُّنَّةِ؟ فالجَوابُ: هؤُلاءِ مُقصِّرُون، يَعْنِي: أنَّهُم يُعرَض عليهِمُ الحَقُّ ولكِنَّهُم لَا يَقْبَلُونَهُ، لكِنْ لَوْ فَرَضْنا أن أُنَاسًا بَعِيدِينَ عَنِ المُدُنِ وعَنِ العِلْمِ، وهُمْ مُسلِمُونَ، يُصَلُّونَ، وَيعمَلُونَ كُلَّ أعْمَالِ الإسلَامِ وهُمْ قُبورِيُّون، هؤُلاءِ لَمْ تُقَمْ عليهِمُ الحُجَّةُ، لكِنَّ غَالِبَ القُبوريِّينَ الْآنَ -إنْ لَمْ يَكُنْ كُلُّهم- قَدْ قِيلَ لهمْ: إنَّ هَذَا شِرْكٌ، ولكِنْ قصَّرُوا وقَالُوا: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الزخرف: ٢٢]. وإِنْ قَال قَائِلٌ: هَلْ فَهْمُ القُرآنِ يَكُونُ عَلَى حَسبِ ذَكَاءِ الشَّخصِ أَوْ عَلَى حسبِ تَقْوَاهُ للهِ جَلَّ وَعَلَا؟ فالجَوابُ: عَلَى هَذَا وهَذَا؛ ولذَلِكَ قَال عَليٌّ ﵁: "إلا فَهْمًا يُؤْتِيهِ اللهُ تَعَالى مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ" (^١)، والتَّقْوَى لهَا تأْثِيرٌ فِي فَهْمٍ القُرآنِ الكَرِيمِ؛ قَال اللهُ ﷾: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ [محمد: ١٧] وَقَال فِي القُرْآنِ: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢]. فإِنْ قَال قَائِلٌ: مَاذَا تَقُولُون فِي قَولِ اللهِ ﷾: ﴿لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩] وَلَمْ يَقُلْ: ومَنْ فَهِمَهُ؟ ! فالجَوابُ: أَنْ نَقُولَ ﴿وَمَنْ بَلَغَ﴾ مُقيَّد بالنُّصوصِ الأُخْرَى الدَّالَّةِ عَلَى أنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الفَهْمِ. أَوْ يُقالُ: ﴿وَمَنْ بَلَغَ﴾ مِنَ العَرَبِ الَّذِين يَفهَمُونَهُ، ولَا بُدَّ مِنْ هَذَا، واللهُ ﷿ أرْحَمُ وأحكَمُ مِنْ أَنْ يُلزِمَ العِبَادَ بِمَا لَا يَفهَمُونَهُ.

(^١) أخرجه البخاري: كتاب العلم، باب كتابة العلم، رقم (١١١)، ومسلم: كتاب الحج، باب فضل المدينة، رقم (١٣٧٠).

1 / 40