263

Tafsir Al-Uthaymeen: Ash-Shura

تفسير العثيمين: الشورى

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٧ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

تعيينِ المُقَدَّرِ؛ أي: يُغْرِقَهُم ليَنْتَقِمَ منه ويَعَلْمَ ﴿أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (٣٤) وَيَعْلَمَ﴾ تَجِدُ أنَّ الكلامَ لا يتناسبُ إِلَّا إذا قُدِّرَ ما يناسبُه، المُقَدَّرُ على كلامِ المفَسِّرِ؛ أي: يُغْرِقُهم لِيَنْتَقِمَ منهم. قال المفسِّرُ ﵀: [﴿وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ﴾ أي: مَهْرَبٍ من العذابِ].
وقوله: ﴿يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا﴾ المجادَلَةُ هي المُناظَرَةُ والمُخاصَمَةُ مأخوذةٌ من الجَدَلِ وهو الفَتْلُ، يُقالُ: جَدَلَ الحبْلَ؛ أي: فَتَلَه، وسُمِّيَ المُناظِرُ مجادِلًا؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ من المتناظِرَيْن يَفْتِلُ حُجَّتَه لتقوى على حُجَّةِ الآخَرِ، هذا أصْلُ المجادَلَةِ وهي المنازَعَةُ والمخاصَمَةُ، بآياتِنا لِيُثْبِتَ الباطلَ ويُبْطِلَ الحقَّ، تأمَّلْ مجُادَلَةَ المشركين للأنبياءِ ما قَصْدُهُم؟ إبطالُ الحقِّ الَّذي جاءت به الرُّسُلُ، وإثباتُ الباطلِ الَّذي هم عليه.
فإن قال قائلٌ: ﴿يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا﴾ ما المقصودُ بالآيةِ هنا الشَّرعيَّةُ أم الكونيَّةُ؟
فالجوابُ: الكونِيَّةُ والشَّرعيَّةُ، فالمجادَلَةُ في الآيةِ الكونيَّةِ أن يقولَ: إن يَشَأْ يُقَدِّرِ اللهُ كذا، ولماذا يُقَدِّرُ اللهُ مثلًا على الشَّعْبِ المُسْلِمِ الحروبَ والفِتَنَ، وما أَشْبَهَ ذلك، وفي الآياتِ الشرعيَّةِ يقولُ: لماذا أوجبَ اللهُ كذا، لماذا حَرَّمَ كذا وما أَشْبَهَ.
﴿مَا لَهُمْ﴾ ﴿مَا﴾ نافيةٌ، ولا يَصِحُّ أن تَكونَ هنا حجازيَّةً، لعدم التَّرتيب، حيث قُدِّمَ الخَبَرُ، إذن هي ﴿مَا﴾ نَفْيِهُا مُجَرَّدٌ لا تَعْمَلُ، و﴿مَحِيصٍ﴾ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ دَخَلَتْ عليه مِنِ الزَّائِدَةُ، والمَحِيصُ المَهْرَبُ.
قال المفسِّرُ ﵀: [﴿مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ﴾ مَهْرَبٍ من العذابِ، وجُملةُ النَّفْيِ سَدَّتْ مَسَدَّ مفعولَيْ ﴿وَيَعْلَمَ﴾ والنَّفيُ مُعَلَّقٌ عن العملِ]، هذا جوابُ سؤالٍ مُقَدَّرٍ، وهو أين مفعولا ﴿وَيَعْلَمَ﴾ لأنَّ (يَعْلَمَ) من أفعالِ القلوبِ الَّتي تَنْصِبُ المبتدأَ والخبَرَ،

1 / 267