الآية (٢٦)
* * *
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ [الشورى: ٢٦].
* * *
قولُهُ: ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ قال المُفسِّر ﵀: [يجيبُهُم إلى ما يسألون] ﴿وَيَسْتَجِيبُ﴾ بمعنى: يجيبُ، مع أنه قد يتبادرُ إلى ذهنِ الإنسانِ أن معنى ﴿وَيَسْتَجِيبُ﴾؛ أي: يطيعُ، كما إذا قلت: دعوتُ فلانًا فاستجاب لي؛ أي: أطاعني، لكن هنا ﴿وَيَسْتَجِيبُ﴾ بمعنى يُجيبُ، ودليلُ هذا التفسيرِ قولُ اللهِ ﵎: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ [آل عمران: ١٩٥]؛ إذن استجاب بمعنى: أجاب، ويستجيبُ بمعنى: يجيبُ.
وقوله: ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ﴾ ﴿الَّذِينَ﴾ مفعولٌ به، وليست فاعلًا، الفاعلُ ضميرٌ مستترٌ يعودُ على الله.
وإننا إذا قلنا: ﴿وَيَسْتَجِيبُ﴾ أنها عائدةٌ للهِ ﷿ صارت ﴿الَّذِينَ﴾ مَحَلُّهَا النصبُ فهم مجابون، و﴿الَّذِينَ﴾ مفعولٌ به، وأيضًا يُضْعِفُ هذا القولَ - بأن قوله: ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الشورى: ٢٦]، يعني: الذين آمنوا هم الذين استجابوا لربِّهِم - قولُهُ: ﴿وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [الشورى: ٢٦]، فإن الأصلَ أن الضمائرَ تكونُ واحدةً، ومعلومٌ أن الزيادةَ ﴿مِنْ فَضْلِهِ﴾ من الفضلِ خاصَّةٌ باللهِ ﷿ فالقولُ بأنها تحتملُ المعنى الثانيَ ضعيفٌ؛ لأنَّه مرجوحٌ.