Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
Penerbit
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣٦ هـ
Lokasi Penerbit
المملكة العربية السعودية
Genre-genre
الجزاءِ وكلٌّ يُجْزَى بعمَلِه.
قولُه تعالَى: ﴿فَأَمَّا﴾: حرْفُ شَرْطٍ وتفْصِيلٍ؛ ولذَلِك يُؤْتَى بِها دَائِمًا في مَواضِعِ التَّفْصيل، كَما في قوْلِه تَعالَى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى﴾ [الليل: ٥]، ثمَّ قالَ في ضِدِّه: ﴿وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى﴾ [الليل: ٨]، وهِي أيْضًا حرْفُ شرْطٍ، ولذَلِك تَحْتاجُ إِلَى جَوابٍ، ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ﴾ [الليل: ٥ - ٧] وهنَا قالَ تعالَى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ﴾ فتكُونُ إِذَنْ حرْفَ شرْطٍ وتفْصيلٍ، وهِي أيْضًا متضَمِّنَة لمعْنَى التّوكِيدِ، فإِنَّها تُؤكِّدُ لأَنَّ قولَك: (أمَّا مَن فَعلَ كَذا فَلَهُ كذا) أقْوَى مِنْ قَولِكَ: (مَن فعَلَ كذا فلَهُ كَذا)، فهيَ عَلَى هَذا تفِيدُ الشّرْطِيَّةَ وَالتَّفْصيل والتّوكِيدَ، وهُوَ تقْوِيةُ الكلامِ، وأيْضًا تُفيدُ حصْرَ التّفرُّق عَلَى هذَيْنِ الفريقَيْنِ.
قوْله تَعالَى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ مبْتَدأ، والخبَرُ ﴿فَهُمْ﴾ مِنْ جُملة ﴿فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ﴾.
وقوْله تَعالَى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ يعْنِي جَمَعُوا بيْنَ الإِيمَان وَالعمَلِ، واعْلَمْ أنَّ الإِيمَان إِذا أُفْرِد شَمِلَ العمَل كَما أنَّ عمَلَ الصّالحاتِ إِذا أُفْرِد يشْمَلُ الإِيمَان، فَإِذا قُرِن أحَدُهما بالآخر صَار الإِيمَان يعْني الأعمالَ الباطِنَةَ، وعَملُ الصّالحاتِ للأَعْمالِ الظّاهِرة أيْ عَمل الجوارِحِ، والإِيمَان يَشْمَلُ الإِيمَان باللهِ وملائِكَتِهِ وكُتُبِهِ ورُسُلِهِ والَيْومِ الآخر والقدَرِ خيْرِه وشَرِّه، هكَذا فسَّرهُ النّبيُّ ﷺ لجبْرِيلَ حينَ سأله مَا الإِيمَان؟ قَال: "أنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلاِئكَتِهِ وَكتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَوْمِ الآخر وَتُؤْمنَ بِالقدَرِ حَير وَشَرَهِ" (^١).
(^١) أخرجه مسلم: كتاب الإِيمَان، باب بيان الإِيمَان والإِسلام والإحسان" رقم (٨).
1 / 78