Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
Penerbit
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣٦ هـ
Lokasi Penerbit
المملكة العربية السعودية
Genre-genre
الفائدة الثانية: أنَّ أهْلَ الشّرْكِ إِذا قامَتِ القيَامَةُ سكَتُوا وأَيِسُوا مِن الرّحْمَةِ؛ لقوْلِه ﷾: ﴿يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ﴾ بخِلَافِهم في الدّنْيا، فإِنَّهم في الدّنيا يُعانِدُونَ ويسْتَعْلُونَ بآلهتِهم كَما قَال أبو سُفْيانَ: أُعْلُ هُبَل، ولكِنْ في الآخرةِ لَا حِراكَ لهمْ ولَا قولَ، ﴿يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ﴾.
الفائدة الثالثة: أنَّ هَذِهِ المعبُوداتِ لا تنْفَعُ أصحَابَها في أَحْوَجِ ما يَكُونُونَ إليْها، وجْهُ ذَلِك من الآية ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ﴾، فذَلِك اليَوْم هُو محَلُّ الشّفاعَةِ لكِنَّهُم لَا يسْتَفِيدُونَ مِن هَذِهِ الأصْنَامِ، بَلْ أكْثَرُ مِن هَذا أنَّهُم يَكْفُرون بِهَذا، ﴿وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ﴾، يكْفُرون بِهم كَما أنَّ الأصْنَامَ تَكْفُر بِهم أيضًا، ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (٥) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾ [الأحقاف: ٥، ٦] فيتبَرَّأُ كُلّ مِن الآخر مَع أنَّ ذَلِك هُو محَلُّ الأزْمَةِ ومحلُّ الفرَج.
الفائدة الرابعة: الإِشارة إِلَى أنَّ هَؤُلاءِ المشْرِكينَ إِنَّما أشْركُوا لطلَبِ أنْ يكُونَ هَؤُلاءِ المشْرَك بهِم شُفعاءَ، وَهَذا ما صرَّح الله بِه في قوْلِه تَعالَى: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣]، فإِذا قَال هَؤُلاءِ الَّذِين يعْبُدونَ القبورَ: نَحْن مَا نعْبُدهُمْ لأننا نرْجو منْهُم نفعًا مباشِرًا لكِن نعْبُدهم ليَشْفَعُوا لنَا إِلَى الله.
قُلْنَا: هَذا شِرْكُ الأوَّلين، وَهَذا مَا حَكاهُ الله عَن المشْرِكِينَ أنَّهم لَا يريدُونَ النّفْع المبَاشِرَ لكنَّهُم يُريدُونَ أنْ تَكُونَ شفِيعَةً لهمْ عِنْدَ الله ﷿.
* * *
1 / 76