56

Tafsir al-Uthaymeen: An-Nur

تفسير العثيمين: النور

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

لما حَصَلَ الَّذِي حصلَ، وجد عبد الله بن أُبي بن سَلُولَ ونُظَرَاؤُه من المُنافِقِينَ مُتَنَفَّسًا يتنفسون منه الصُّعداء للقَدْح في النَّبِيِّ ﷺ، فجعلوا يتكلمون: ما الَّذِي أتى به؟ ما الَّذِي خلَّفه؟ ما الَّذِي خلَّف عَائِشَة؟ ثم صاروا يجمعون الحَديث ويصوغونه ويزخرفونه حَتَّى شاع الخبر وانتشر. تَألَّمَ النَّبيُّ ﵊ ولابُدَّ أن يَتَألَّمَ، تَألَّمَ في الحَقيقَة من وجهين: أولًا: لأنَّ عَائِشَة ﵂ فِراشُه وأَحَبُّ نسائِه إلَيْه، وهو يحبها وهي تحبه. ثانيًا: أنَّها ابنةُ أَعَزِّ النَّاس إلَيْه أبي بكر الصِّديق ﵁ فكَيْفَ يقع هَذَا الْأَمْر وكَيْفَ يَكُون؟ ولذا ضاقت على النَّبِيِّ ﷺ الضَّائقة، حَتَّى إنَّه مع شدة صبره ومع فهمه لأهله ونزاهتهم وبعدهم عما رُموا به دخل علَيْه مما دخل، فصَارَ يستشير بعض أصْحابه: هل يُفارِق عَائِشَة أو لا يُفارقها؟ فمنهم من يشير علَيْه بعدم المفارقة ويقول: أهلك يا رَسُول الله لا نعلمُ إلَّا خيرًا، ومنهم من أشار علَيْه بالمفارقة لما رأى تأذيه ﷺ وقال: إنَّه إِذَا فارقها يستريح. وممن أشار بِذَلِك عليّ بن أبي طالب ﵁ ابن عم النَّبِيِّ ﵊؛ لأنَّه قريب النَّبِيِّ ﵊، فقد رأى من النَّبِيِّ ﵊ مشقَّةَّ عظِيمةً وأذىً كبيرًا فقال: لعله إِذَا طلقها يستريح ويطمئن، لكن كبار الصَّحابَة ﵃ قالوا: هَذَا أمر لا يُمْكِن، وممن أشار علَيْه بأن يمسكها ولا يطلقها أسامةُ بن زيدٍ ﵄. عَلَى كُلِّ حَالٍ بَقِيَ الْأَمْرُ هكذا في زعزعةٍ وقلق وشدة إلى تمام الشَّهر، عَائِشَة ﵂ ما كَانَت تعلم بما يقول النَّاس، ولا تدري عنه شيئًا؛ لأنَّها كَانَت مريضةً،

1 / 61