211

Tafsir al-Uthaymeen: Al-Shu'ara

تفسير العثيمين: الشعراء

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

أن يكون الخالِقُ أعلى منَ المخلوقِ، وأنْ يكونَ المخلوقُ في قَبْضَتِه، وهذه هي الحكمةُ في قَوْلهِ: ﴿أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ﴾، ولم يقلْ: إنَّ الله الَّذي خلق السماواتِ والأَرْضَ، مع أن ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ [غافر: ٥٧]، لكن لأجلِ أن يُخفِضَ رُءوسَهم أكثر ﴿خَلَقَهُمْ﴾، فهم بأنفسهم مخلوقون مَرْبُوبُونَ ذَلِيلُونَ.
وكلٌّ منَ القومينِ كذَّبَ نبيَّه، كذب قومُ نوحٍ نوحًا ﵊، وكذَّب قومُ هودٍ هودًا ﵊، معَ أنَّه نَصَحَهُمْ هذه النصيحةَ: ﴿أَلَا تَتَّقُونَ﴾، وهذا الإسْتِفهامُ إمَّا للتحضيضِ، أو أنه استفهامٌ بمَعْنى التوبيخ، يَعْنِي: يُوَبِّخُهُم على عدم التَّقْوَى.
وقَوْلهُ: ﴿أَلَا تَتَّقُونَ﴾ أيِ اللهَ؛ لأن هذه الجُملة مُخْتَصَرَة، ومعروفٌ أنه كَان يَأْمُرُهُم ويقول: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾.
وقوله تعالى: ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ﴾ يؤيِّد أنَّ قولَه تعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: ١٠٥]، ليسَ المقصود أنه أرسلَ للناسِ كافَّة.
قَوْلُهُ: ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾، أي: مُرْسَلٌ من قِبل الله ﷾، وتقديم ﴿لَكُمْ﴾ يدلُّ على الإختصاصِ، أي: مُرْسَلٌ لكم خاصَّة؛ لأنَّ كلَّ رَسُولٍ يُبْعَثُ إلى قومِهِ فقطْ.
وقَوْلهُ: ﴿أَمِينٌ﴾ أي: ذو أمانة، ائتمنني الله ﷾ على رسالته.
فإذا قال قائل: هذان الوصفان: ﴿رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ مجرَّد دعوى، وهم ينكرونَ أنْ يكونَ رَسولًا أمينًا، بل يقولون: إنه كاذبٌ خائنٌ، فهل بمجرَّد الدعوَى تقومُ عليهم الحجَّةُ؟

1 / 216