181

Tafsir al-Uthaymeen: Al-Shu'ara

تفسير العثيمين: الشعراء

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

فإنْ قيلَ: وما دَليلُ أهلِ العِلْمِ على أنَّ الرُّسُلَ السَّابقينَ لم يُرْسَلُوا إلى الجنِّ ما دامَ أن الله ﷾ يقولُ: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]؟
قلنا: هم يقولونَ: إنَّ النَّبيّ يُبعَث إلى قومِه، وقومُه قبيلتُه وما يَتَّصِل بهم، والجنُّ ليسوا من جِنْسِهِ حتى يكونوا من قومه.
لكن رسالة النبي ﷺ إلى الجنِّ لا تدلُّ على عُمومِ رسالتِهِ إلى الجنّ؛ لأن الجنَّ لَيسوا منَ النَّاسِ، لكن في كونِ الرَّسُولِ ﵊ يَجتمِع بهم ويُواعِدُهُمْ، ويَقْرَأُ عليهم القُرآنَ، ويُخْبِرُهم بما فيه يدلُّ على أنه مُرْسَلٌ إليهم.
فإن قيل: قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]، هل يَعْنِي أنَّ الجنّ يَعْبُدُونَ بِشَرْعٍ؟
قلنا: الأَصْلُ أنَّ مَن يعبدونَ اللهَ ﷿ أنَّهم يَعبدون بالشرعِ، فهم يَتَعَبَّدُونَ بالشرعِ بلا شَكّ.
وهل منهم رُسُلٌ أو ليسَ منهم رسلٌ؟
هذه المسألة موضع نزاع بين العلماء؛ فمنهم من قال: منهم رُسُلٌ؛ لقَوْلِهِ: ﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي﴾ [الأنعام: ١٣٠]، فقال: ﴿رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾، والرَّسُول لا بُدَّ أنْ يكونَ من جِنس مَن أُرْسِلَ إليه؛ لقَوْلهُ: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ﴾ [الأنعام: ٩]، ولا يمكن أن يرسل إلى الجِنّ بشرٌ.
ومنهم من قال: إن قَوْلهُ: ﴿مِنْكُمْ﴾ يعود إلى المخاطَبينَ باعتبارِ المجموعِ: ﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ يخاطب اثنينِ، والضَّميرُ في: ﴿مِنْكُمْ﴾ يعود إلى أحد الإثنين،

1 / 186