193

Tafsir al-Uthaymeen: Al-Ma'idah

تفسير العثيمين: المائدة

Penerbit

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

١٤٣٥ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

ولهذا لما دعا الرسول ﷺ على قوم باللعنة فقال: "اللهم العن فلانًا وفلانًا" (^١) نهاه الله تعالى بقوله: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (١٢٨)﴾ [آل عمران: ١٢٨]، وأما قوله ﷺ: "إنما أنا بشر يغضب كما يغضب البشر فأيما امرئ لعنته فاجعل ذلك كفارة له" (^٢) فالمراد باللعن في هذا الحديث السب، ولهذا لما قال الصحابة ﵃: يا رسول الله! وهل يلعن الرجل أباه، قال ﷺ: "نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه" (^٣) لكن لو دعا على الكافر بالهلاك لا يدخل في اللعن؛ لأن اللعن هو الطرد والإبعاد.
الفائدة الرابعة والخامسة: أنه كلما عصى الإنسان ربه قسا قلبه، لقوله: ﴿وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً﴾، عكس ذلك أن نقول: كلما أطاع الإنسان ربه لان قلبه، وما أكثر الذين يطلبون أن تلين قلوبهم ويسألون ما هو الدواء لقسوة القلب؟ نقول: الدواء لقسوة القلب كثرة طاعة الله ﷿.
الفائدة السادسة: أن للقلوب أحوالًا: قسوة ولينًا، وهو كذلك، كما قال الله ﵎: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا

(^١) رواه البخاري، كتاب التفسير، باب ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾، حديث رقم (٤٢٨٣) عن ابن عمر وأبي هريرة.
(^٢) رواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب من لعنه النبي ﷺ أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلًا لذلك كان له زكاة وأجرًا ورحمة، حديث رقم (٢٦٠١) عن أبي هريرة.
(^٣) رواه البخاري، كتاب الأدب، باب لا يسب الرجل والديه، حديث رقم (٥٦٢٨)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها، حديث رقم (٩٠) عن عبد الله بن عمرو بن العاص.

1 / 197