14

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Kahf

تفسير العثيمين: الكهف

Penerbit

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٣ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

قوله تعالى: (إنا جعلنا) أي صَيَّرنا، وجعل تأتي بمعنى: خلق وبمعنى صيَّر، فإن تعدَّت لمفعولٍ واحدٍ فإنها بمعنى "خلق"، مثل قوله تعالى: (وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) (الأنعام: الآية ١) وإن تعدَّت لمفعولين فهي بمعنى صَيَّر، مثل قوله تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف: ٣): أي صيَّرناه بلغة العرب، وإنما نبَّهتُ على ذلك؛ لأن الجهمية يقولون: إنَّ الجعلَ بمعنى الخلق في جميع المواضع، ويقولون: معنى قوله تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيّا): أي خلقناه، ولكن هذا غلط على اللغة العربية. (جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا) هنا جعل بمعنى صَيَّر فالمفعول الأول "ما" والمفعول الثاني "زينة" أي أنَّ ما على الأرض جعله الله زينة للأرض وذلك لاختبار الناس. هل يتعلقون بهذه الزينة أم يتعلقون بالخالق؟ الناس ينقسمون إلى قسمين، منهم من يتعلق بالزينة ومنهم من يتعلق بالخالق، واسمع إلى قوله تعالى مبينًا هذا الأمر. (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) (الأعراف: ١٧٥) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الأعراف: ١٧٦) إذًا جعل الله الزينة لاختبار العباد، سَواءٌ أكانت هذه الزينة فيما خلقه الله ﷿ وأوجده، أم مما صنعه الآدمي، فالقصور الفخمة المزخرفة زينة ولا شك، ولكنها من صنع الآدمي،

1 / 18