الْحَرِيقِ﴾ [البروج: ١٠]. فتنوهم: يعني صدُّوهم عن دين الله.
٢ - ﴿وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾، أي: طلب تأويله لما يريدون، فهم يفسِّرونه على مرادهم لا على مراد الله تعالى.
قال تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾:
اختلف السلف في الوقف عليها، فأكثر السلف وقف على قوله: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ﴾، ثم نبتدئ فنقول: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ﴾ وعلى هذا تكون الواو في ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ للاستئناف، ﴿وَالرَّاسِخُونَ﴾: مبتدأ، وجملة ﴿يَقُولُونَ﴾ خبر المبتدأ، ويصبح المعنى أن هذا المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله ﷿، وأما الراسخون في العلم الذين لم يعلموا تأويله يقولون: ﴿آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾، وليس في كلام ربنا تناقض ولا تضارب، فيسلمون الأمر إلى الله ﷿؛ لأنه هو العالم بما أراد، وينقسم الناس إذن إلى قسمين:
١ - ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ﴾.
٢ - ﴿الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ﴾.
ووصل بعض السلف ولم يقف، فقرأ: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ فتكون الواو للعطف، والراسخون: معطوفة على لفظ الجلالة، أي: لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم، بخلاف الذين في قلوبهم زيغ فهؤلاء لا يعلمون. والحقيقة أن ظاهر القراءتين التعارض لأن:
القراءة الأولى: تقتضي أنه لا يعلم تأويل هذا المتشابه إلا الله.