270

Tafsir al-Uthaymeen: Al-Imran

تفسير العثيمين: آل عمران

Penerbit

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الثالثة

Tahun Penerbitan

١٤٣٥ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

سبيل الشك، وليس على سبيل الاستبعاد، ولكنه على سبيل الاستثبات وزيادة الطمأنينة كقول إبراهيم: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى﴾ [البقرة: ٢٦٠]، ولم يكن ذلك عن شك.
وقوله: ﴿وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ﴾ الجملة حالية؛ يعني والحال أنه لم يمسسني بشر، أي: لم يجامعني؛ لأن المس يطلق على الجماع؛ ويكنى به عنه كما قال تعالى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٦]، أي: تجامعوهن، ﴿وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ﴾، فمن أين يكون الولد؟
﴿قَالَ كَذَلِكِ﴾، قال الله ﷿ لأنها نادت الله ﴿رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ﴾ ﴿. . . قَالَ كَذَلِكِ﴾، يعني الأمر كذلك، فالجار والمجرور خبر لمبتدأ محذوف تقديره (الأمر) وعلى هذا فيحسن الوقوف هنا، أي يحسن أن تقف فتقول: كذلك، ثم تبتدئ فتقول: ﴿اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾، وهذا التركيب له نظائر في القرآن، مثل قوله: ﴿كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ﴾ [الدخان: ٥٤]، وإنما تأتي هذه الصيغة للتقرير والتثبيت، يعني الأمر مثلما وقع تمامًا.
وقوله ﷾: ﴿اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾.
﴿اللَّهُ﴾ مبتدأ، وجملة يخلق خبر؛ أي: أن الله سبحانه يخلق ما يشاء سواء كان على وفق العادة أو على خلاف العادة، فعيسى ﵊ جاء على خلاف العادة، لكن مثله عند الله كمثل آدم خلقه من تراب -أي خلق آدم من تراب- ثم قال له كن فيكون، فالله على كل شيء قدير.
وقد ذكر أهل العلم أن البشر منهم من خلق بلا أم ولا

1 / 272