124

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Hujurat - Al-Hadid

تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد

Penerbit

دار الثريا للنشر والتوزيع

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Lokasi Penerbit

الرياض

Genre-genre

يخلق في المزن ماءً؟ لا يمكن، وإنما الله ﷿ هو الذي يتولى ذلك، هذا هو مادة الرزق، لولا الماء لهلكت، وتأمل قوله تعالى: ﴿أءنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجًا فلولا تشكرون﴾ . لم يقل: لو نشاء لم ننزله، مع أنه لو شاء لم ينزله، لكن قال: ﴿لو نشاء جعلناه أجاجًا﴾ يعني لو نشاء أنزلناه لكن جعلناه أجاجًا مالحًا، لا يمكن أن يشرب، وحسرة الإنسان على ماء بين يديه ولكن لا يستطيعه ولا يستسيغه أشد من حسرته على ماء مفقود، لأن ماءً موجودًا لا تنتفع به ولا تستطيع شربه أشد حسرة من ماء مفقود، ولهذا ذكرنا الله هذه الحال، أرأيتك الآن لو أن هذا المطر العذب الزلال اللذيذ صار أجاجًا مالحًا، ماذا تكون الحال؟ تكون صعبة جدًا، ولهذا قال: ﴿لو نشاء جعلناه أجاجًا فلولا تشكرون﴾ .
﴿وفي السماء رزقكم﴾ إذن الرزق هو المطر كما في الآية الكريمة ﴿وينزل لكم من السماء رزقًا﴾ ويمكن أن نقول: إن الرزق الذي في السماء أعم من ذلك، فقد يقال: إن في السماء رزقًا من المطر، وما كتبه الله لنا في اللوح المحفوظ من المصالح والمنافع الجسدية من أموال وبنين وغير ذلك، فيكون هذا القول أشمل وأعم، واعلم أنه ينبغي أن يراعي المستدل بالقرآن والسنة قاعدة مفيدة، وهي إذا فسرنا النص القرآني أو النبوي بمعنى أخص وفسرناه بمعنى أعم، فنأخذ بالأعم، لأن الأعم يدخل فيه الأخص ولا عكس، إلا إذا دل دليل على أنه خاص، فهذا يتبع فيه الدليل، لكن عندما لا يدل الدليل، فخذ بالأعم، لأن الأعم يدخل فيه الأخص ولا عكس، فهنا إذا قلنا: المراد بالرزق ما هو أعم من

1 / 131