هَذَا معروفٌ أنَّهُ خاصٌّ بالرَّسولِ ﷺ، ومثل: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ﴾ [المائدة: ٤١]، صرَّح أنَّه ينادي الرَّسول وحدَه، ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ﴾ [المائدة: ٦٧]، ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا﴾ [الأحزاب: ٤٥].
﴿فَاسْأَلْ﴾ أيُّها الْإِنْسَان ﴿بِهِ﴾ بالرَّحمنِ ﴿خَبِيرًا﴾ يَعْني بذاتِهِ وأسمائِهِ وصفاتِه وأفعالِه وأحكامِه.
وقوله: ﴿فَاسْأَلْ بِهِ﴾ قد يقول قائلٌ: إن المتبادَر أنْ يقولَ: اسأَلْ عنه خبيرًا؛ لِأَنَّ السؤالَ بمعنى الاستفهامِ يُعَدَّى بـ (عن)، فهل تقول: سألتُ بفلان أو عن فلان؟ تقول: سألتُ عن فلانٍ، فكيف نُجِيبُ عن التعديَةِ بـ (الباء)، مع أن المتبادر أن يتعدى بـ (عن)؟
الوجه الأول: أنْ تكونَ (الباء) بمعنى (عن)، وهذا واضحٌ: فاسأل عنه خبيرًا.
الوجه الثَّاني: أن تكونَ (الباء) مُتَعَلِّقَةً بمحذوف تقديره: معتنيًا أو مهتمًّا بِهِ، حال من الضمير المستتِر فِي قولِه: ﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا﴾. وعندي أَيْضًا أَنَّهُ يوجد احتِمَال أنَّ المعنى: فاسألْ تجب بِهِ خبيرًا، يَعْنِي كأَنَّه ضمَّن السؤالَ ما يَدُلُّ عَلَى الجوابِ، مثل ما قِيلَ في: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾ [المعارج: ١]، سأل سائلٌ وأُجيبَ بعذابٍ واقعٍ، ويَكُون عُدِل عن (عن) بـ (الباء)؛ لِأَنَّ (عن) إِنَّمَا تدل عَلَى مجرَّد السؤال، و(الباء) تَدُلُّ عَلَى الإجابةِ أَيْضًا. وعلى كلِّ حالٍ فالمعنى أن الرَّحمنَ الَّذِي خلقَ السَّمواتِ والْأَرضَ واستوى عَلَى العرشِ اسْأَلْ عنه خبيرًا يُخْبِرُكَ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل يَصِحُّ أن يَكُون (به) متعلِّقًا بـ (خبيرًا)؟