اللَّه أكبر! الإنسانُ لو تَصَوَّرَ أن المطرَ يرتَفِعُ أربعة أمتارٍ لأصابَهُ الفَزَعُ من ذلك، لكنَّ قُدرةَ اللَّه ﷿ عظِيمةٌ، واللَّه على كلِّ شيءٍ قَديرٍ.
قوله: [﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ﴾ فيُعَذِّبُهم بِغيرِ ذَنْبٍ]: (اللام) هذه لامُ الجحودِ وهي المسْبوقَةُ بكونٍ منْفِيٍّ، أو نقولُ بتَعْبِيرِ أصحابِ الآجُرُّومِيَّةِ: ما سَبقها (مَا كانَ) أو (لم يكُنْ).
وقوله: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ﴾ فيُعَذِّبُهم بغَيرِ ذَنْبٍ]، لما نَفَى أن يكونَ اللَّهُ ظلَمَهُم بيَّنَ من أين وقَعَ هذا الظلمُ فقال ﵀: ﴿وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ بارْتِكابِ الذَّنْبِ].
جملة: ﴿يَظْلِمُونَ﴾ خَبَرُ (كان) و(الواو) اسْمُها.
و﴿أَنْفُسَهُمْ﴾ مفعولٌ مُقَدَّمٌ لـ ﴿يَظْلِمُونَ﴾، وتقْدِيمُه له فائدتان: فائدِةٌ لَفْظِية وفائدةٌ معْنَوِيَّةٌ.
الفَائِدةُ اللَّفْظِيَّة: مراعاةُ الفَواصِلِ، يعني: أواخِرُ الآياتِ لأنَّه لو قالَ: وكانوا يظْلِمُونَ أنْفسَهُمْ، لم تَتَناسَب مع ما قَبلها وما بَعْدَهَا.
والفَائِدةُ المعنويةُ: هي الحصْرُ والاختِصاصُ، يعني: ما ظَلَموا إلا أنْفُسَهم في الحقيقةِ، أي: هم الذين ظَلَمُوا أنفسهم، ولكن كما قال تعالى في آياتٍ أُخْرَى: ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ﴾ [الزخرف: ٧٦].
لو قالَ قائلٌ: قولُ المُفَسِّر في قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا﴾ قال: [كَقومِ نُوحٍ وفِرعونَ وقومِهِ]، مع أن الضَّمِيرَ يعودُ على آخِرِ مَذكورٍ، وهو فِرعونَ فقط، فما وَجْهُ ذِكْر نُوحٍ، وهل الترتيبُ القُرآني ذَكَر العَذابَ بالتَّسَلْسُلِ؟