وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ﴾ [النور: ٢٦] ولا شكَّ أن الزِّنا -والعِياذُ باللَّه- خُبْث، فأنت إذا وصَفْت واحِدة من أُمَّهات المُؤمِنين بالزّنا وإن لم تَكُن عائِشةَ ﵂؛ فقد وصَفْت النبيَّ ﷺ بالخُبْث، نَسأَل اللَّه تعالى العافِية، وحينئذٍ يَكون الإنسان كافِرًا لا شكَّ.
والصوابُ -الذي عليه المُحقِّقون من أهل العِلْم ﵏: أنَّ مَن قَذَف واحِدةً من أُمَّهات المُؤمِنين فإنه يَكون كافِرًا كُفْرًا مخُرِجًا عن المِلَّة، وكذلك من قذَف غيرَهن من زوجات الأنبياء يَكون كافِرًا؛ للآية التي ذُكِرت: ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ. . .﴾ [النور: ٢٦] إلى آخِرها.
فما مِن شَكٍّ أن مَن يُكفِّر واحِدة من أُمَّهات المُؤمِنين فهو كافِر؛ لأنه يَلزَم من تكفِيره واحِدةً من أُمَّهات المُؤمِنين أن يَكون النبيُّ ﷺ قد استَباح امرأةً كافِرةً، وهذا قَذْفٌ في الرسول ﷺ.
إذَنْ: أزواجه أُمَّهاتهم من الناحِيَتين، يَعنِي: أننا لزَوْجات الرسول ﷺ بمَثابةِ الأبناء، وأنهنَّ لنا بمَنزِلة الأُمَّهات، لكن هل هُو في المَحرَميَّة والنظَر والخَلْوة أو في الاحتِرام فقَطْ؟
يَقول المُفَسِّر ﵀: [في حُرْمة نِكاحِهنَّ عليهم] ولا يَكفِي هذا في حُرْمة نكاحِهن عليهم، لا شكَّ أنَّه لا يَحِلُّ لأحَد أن يَتزَوَّج امرأةً بعد وفاة النبيِّ ﷺ من زَوْجاته، ولكِنَّ هذا الاحتِرامَ ليس لهُنَّ فحَسْب، بل حتَّى للرسول ﷺ إكرامًا له؛ ولذلك إذا تُوفِّيَ الرجُل عن المرأة ولو كانت لا تَحيض تَعتَدُّ بأربعة أشهر وعَشْرٍ؛ احتِرامًا للنِّكَاح الأَوَّل إلَّا إذا كانت حامِلًا فعِدَّتُها بالحَمْل.
أَقول: إنهن أُمَّهات المُؤمِنين في حُرْمة النِّكَاح وفي وُجوب احتِرامِهن.