186

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab

تفسير العثيمين: الأحزاب

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

وأمَّا عِزَّة القَهْر التي من الغَلَبة: فمَعناها أنه غالِب على كل شيء حتى بالجاهِلية، يَقول الشاعِر:
أَيْنَ المَفَرُّ وَالْإِلَهُ الطَّالِبُ ... وَالْأَشْرَمُ المَغْلُوبُ لَيْسَ الْغَالِبُ (^١)
واللَّهُ ﷿ هو الغالِب على أَمْره وهو غالِب على كل شيء، لا شيءَ يَكون أمام غلَبَته.
فصار العزيزُ له ثلاثة مَعانٍ: عِزَّة القَدْر وعِزَّة القَهْر، وعِزَّة الامتِناع، وكلها ثابِتةٌ للَّه ﷿.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: بَيان قُدْرة اللَّه ﷾ حيث رَدَّ هذه الأحزابَ الكثيرة العَظيمة مع ما في قُلوبهم من الغَيْظ والحنَق الشديد على رسول اللَّه ﷺ وأصحابه ردَّهم اللَّه ﷾ بغَيْظهم ما اشتَفَوْا، ولا نالوا مُرَادهم قال اللَّه تعالى: ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ﴾؛ ولهذا أَثْنى النبيُّ ﷺ على ربِّه بهَزيمة الأحزاب، فقال: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ" (^٢).
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن هؤلاءِ الأحزابَ قدِ امتَلَأت قلوبُهم غَيْظًا على رسول اللَّه ﷺ في قوله تعالى: ﴿بِغَيْظِهِمْ﴾، فإن الباء للمُصاحَبة وللمُلابَسة.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن الأحزاب لم يَنالوا مع هذا التَّعَبِ الشديد خيرًا لا في الدُّنيا

(^١) نسبه ابن هشام في السيرة (١/ ٥٣) لنفيل بن حبيب.
(^٢) أخرجه البخاري: كتاب العمرة، باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو، رقم (١٧٩٧)، ومسلم: كتاب الحج، باب ما يقول إذا قفل من سفر الحج وغيره، رقم (١٣٤٤)، من حديث ابن عمر ﵄.

1 / 191