124

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab

تفسير العثيمين: الأحزاب

Penerbit

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٦ هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

قال بعضُهم: إنها لا محَلَّ لها من الإِعْراب؛ لأنها جوابٌ لقَوْله: ﴿عَاهَدُوا﴾، وقال بعضهم: إنها بَيان للمُعاهَدة؛ لأن المُعاهَدة التي وقَعَت أنهم لا يُولُّون الأدبار، وكلِمة: ﴿لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ﴾ تَحتاج إلى مَفعولَيْن؛ المَفعول الأوَّل: ﴿الْأَدْبَارَ﴾ والمَفعول الثاني: مَحذوف، والتقدير: لا يُولُّون عَدوَّهم أَدْبارَهم، أَوْ تولية الدُّبر. ومَعناه: الانصِراف والانحِراف، فبَدَلًا من أن تَكون وجوهُهم نحوَ العَدوِّ تَكون أدبارهم نحو العَدوِّ، فهم أَقسَموا بالأوَّل، وعاهَدوا أنهم لا يُوَلُّون الأدبار عند مُلاقاة الأعداء، ولكنهم نقَضوا العَهْد. قال اللَّه تعالى: ﴿وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا﴾، قال المُفَسِّر ﵀: [كان عَهْد اللَّه مَسؤُولًا عن الوَفاء به]، فعلى هذا تَكون المَسؤُولية ليس على العَهْد نفسِه بل عن الوَفاء به، فالعَهْد مَسؤول، يَعنِي: مَسؤُول عن الوفاء به، والسُّؤال عن الوفاء به سُؤال عن وقوعه أيضًا، فيُقال مثلًا: أليس بيني وبينك عَهْد؟ ألم تَنقُض العهد؟ فيَكون السؤال عن نَفْس العَهْد وعن الوَفاء به. وهذه المَسؤُولية متى تَكون في الدُّنيا أو في الآخِرة؟ والجوابُ: أمَّا المَسؤُولية التي بين الإنسان وبين ربه فإنها في الآخِرة، وأمَّا المَسؤُولية التي تَكون بينه وبين الناس فهي في الدنيا، يُطالَب بالوفاء بالعَهْد، قال تعالى: ﴿وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا﴾. من فوائد الآية الكريمة: إثبات الحِساب؛ لقوله: ﴿وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا﴾، فكُلُّ ما بَيْنَك وبين اللَّه ﷿ من الحُقوق، فإنَّك مَسؤُول عنه يوم القِيامة، قال اللَّه ﷿: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ﴾ [الأعراف: ٦ - ٧].

1 / 129