106

Tafsir al-Tabari Jami' al-Bayan - Tahqiq Hajar

تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر

Editor

د عبد الله بن عبد المحسن التركي

Penerbit

دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Genre-genre

فَبَدَأَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ بِاسْمِهِ الَّذِي هُوَ اللَّهُ؛ لِأَنَّ الْأُلُوهِيَّةَ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، لَا مِنْ جِهَةِ التَّسَمِّي بِهِ، وَلَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى. وَذَلِكَ أَنَّا قَدُ بَيَّنَّا أَنَّ مَعْنَى اللَّهِ هُوَ الْمَعْبُودُ، وَلَا مَعْبُودَ غَيْرُهُ ﷻ، وَأَنَّ التَّسَمِّيَ بِهِ قَدْ حَرَّمَهُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَإِنْ قَصَدَ الْمُتَسَمِّي بِهِ مَا يَقْصِدُ الْمُتَسَمِّي بِسَعِيدٍ وَهُوَ شَقِيٌّ، وَبِحَسَنٍ وَهُوَ قَبِيحٌ. أَوَ لَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ ﷻ قَالَ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ: ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾ [النمل: ٦٠] فَاسْتَكْبَرَ ذَلِكَ مِنَ الْمُقِرَّ بِهِ، وَقَالَ تَعَالَى فِي خُصُوصِيَّةِ نَفْسِهِ بِاللَّهِ وَبِالرَّحْمَنِ: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُو فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ ثُمَّ ثَنَّى بِاسْمِهِ، الَّذِي هُوَ الرَّحْمَنُ، إِذْ كَانَ قَدْ مَنَعَ أَيْضًا خَلْقَهُ التَّسَمِّيَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خَلْقِهِ مَنْ قَدْ يَسْتَحِقُّ تَسْمِيَتَهُ بِبَعْضِ مَعَانِيهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ وَصْفُ كَثِيرٍ مِمَّنْ هُوَ دُونَ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ بِبَعْضِ صِفَاتِ الرَّحْمَةِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَسْتَحِقَّ بَعْضُ الْأُلُوهِيَّةِ أَحَدٌ دُونَهُ؛ فَلِذَلِكَ جَاءَ الرَّحْمَنُ ثَانِيًا لِاسْمِهِ الَّذِي هُوَ اللَّهُ. وَأَمَّا اسْمُهُ الَّذِي هُو الرَّحِيمُ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ مِمَّا هُوَ جَائِزٌ وَصْفُ غَيْرِهِ بِهِ. وَالرَّحْمَةُ مِنْ صِفَاتِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ، فَكَانَ إِذْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَاقِعًا مَوَاقِعَ نُعُوتِ الْأَسْمَاءِ اللَّوَاتِي هُنَّ تَوَابِعُهَا بَعْدَ تَقَدُّمِ الْأَسْمَاءِ عَلَيْهَا.

1 / 133