Tafsir Al-Shaarawi
تفسير الشعراوي
Genre-genre
وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قآئما..
[يونس: 12]. إن المشرك يكتشف بفطرته كذبه على نفسه في مسألة اتخاذه أندادا لله، ولذلك إذا عزت عليه الأسباب، ووقع في مأزق فهو لا يخدع نفسه ويقول: يا صنم أنجدني: وإنما يقول: " يا رب أنقذني ". أما المؤمن فهو لا يغير حبه لله أبدا، المؤمن يحب ربه في السراء والضراء، وعلى ذلك يكون الذين آمنوا أشد حبا لله، لأنهم لا ينسونه، لا في الرخاء ولا في الشدة، لكن الكافرين لا يعرفون الله الحق إلا في الشدائد، فإذا مرت المسألة فإنهم يسلكون كما يصف القرآن سلوك كل كافر منهم:
مر كأن لم يدعنآ إلى ضر مسه..
[يونس: 12].
وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار
[الزمر: 8]. إنهم ينسون الله، ويعودون إلى تقديس الأنداد المزيفة، وهم بذلك يظلمون أنفسهم. { ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب } [البقرة: 165]، ويفاجأ هؤلاء المشركون بأمر عجيب لم يكن في حسبانهم، هم آمنوا بأنداد ويأتون يوم القيامة ليروا تلك الأنداد وهي وقود للنار تعذبهم، ولو لم تأت معهم حجارة الأصنام التي كانوا يعبدونها لقالوا: " إن الحجارة ستنجدنا من هذا العذاب ". وها هو ذا الحق سبحانه يبين لهم: أن الحجارة ليست معكم في العذاب فقط، بل هي وقود النار التي تعذبون بها، ومصداقا لقوله تعالى:
إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم..
[الأنبياء: 98]. وكذلك قوله الحق عن النار:
وقودها الناس والحجارة..
[البقرة: 24]. وبذلك ينقطع عن الكافرين المشركين كل أمل في أن تنقذهم آلهتهم المزيفة. { إذ يرون العذاب } [البقرة: 165] أي يرون العذاب حق اليقين، وقد سبق أن أخبروا به، لكنهم لم يؤمنوا باليوم الآخر لكن لو صدقوا بيوم القيامة وآمنوا لكفاهم أن يروا العذاب عين اليقين، ويختم الحق سبحانه الآية الكريمة بقوله: { أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب } [البقرة: 165] أي أنهم ساعة يرون العذاب حق اليقين سيدركون عندها أن القوة لله وأنه شديد العقاب. ثم يبين الحق سبحانه وتعالى ماذا سيكون حالهم عندما يرون العذاب، فيقول: { إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب... }.
Halaman tidak diketahui