191

Tafsir Al-Shaarawi

تفسير الشعراوي

Genre-genre

فطاف عليها طآئف من ربك وهم نآئمون * فأصبحت كالصريم

[القلم: 19-20]. وهذه هي قصة الحديقة التي منع أولاد الرجل الصالح بعد وفاته حق الفقراء والمساكين فيها فأرسل الله سبحانه من طاف بها.. أي مشى في كل جزء منها فأحرق أشجارها.. فالطائف هو الذي يطوف.. " والعاكفين " هم المقيمون والركع السجود " هم المصلون، فتطهير البيت للطواف به والإقامة والصلاة فيه.. وهو مطهر أيضا لأنه سيكون قبلة للمسلمين لكل راكع أو ساجد في الأرض حتى قيام الساعة.

[2.126]

يقول الحق سبحانه وتعالى:

وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا

[البقرة: 125].. وما دام الله قد جعله أمنا فما هي جدوى دعوة إبراهيم أن تكون مكة بلدا آمنا.. نقول إذا رأيت طلبا لموجود فاعلم أن القصد منه هو دوام بقاء ذلك الموجود.. فكأن إبراهيم يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يديم نعمة الأمن في البيت.. ذلك لأنك عندما تقرأ قول الحق تبارك وتعالى:

يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملآئكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا

[النساء: 136]. هو خاطبهم بلفظ الإيمان ثم طلب منهم أن يؤمنوا.. كيف؟ نقول إن الله سبحانه يأمرهم أن يستمروا ويداوموا على الإيمان.. ولذلك فإن كل مطلوب لموجود هو طلب لاستمرار هذا الموجود. وقول إبراهيم: { رب اجعل هذا بلدا آمنا.. } [البقرة: 126].. أي يا رب إذا كنت قد جعلت هذا البيت آمنا من قبل فأمنه حتى قيام الساعة.. ليكون كل من يدخل إليه آمنا لأنه موجود في واد غير ذي زرع.. وكانت الناس في الماضي تخاف أن تذهب إليه لعدم وجود الأمان في الطريق.. أو آمنا أي: أن يديم الله على كل من يدخله نعمة الإيمان. وقوله تعالى: { اجعل هذا بلدا آمنا } [البقرة: 126] تكررت في آية أخرى تقول:

رب اجعل هذا البلد ءامنا..

[إبراهيم: 35].. فمرة جاء بها نكرة ومرة جاء بها معرفة.. نقول إن إبراهيم حين قال:

Halaman tidak diketahui