175

Tafsir Al-Samin Al-Halabi - From Ayah 138 of Surah Al-Imran to the End of the Surah

ترجيحات السمين الحلبي - من آية ١٣٨ سورة آل عمران إلى آخر السورة

Genre-genre

وهذه الأدلة ترجع إلى أصلين:
الأول: أن هذا هو ظاهر الجملة، بحيث لا يحتاج فيها إلى تقدير محذوف، ففي هذا القول إبقاء للكلام على ظاهره.
الثاني: أن الأحاديث الصحيحة قد دلَّت على هذا القول، وهي خير ما يفسَّر به معنى الإتيان في الآية.
٣) أدلة القول الثاني في المسألة:
استدل من قال بأن المعنى أنه يأتي بإثم الغلول بما جاء في القرآن من تشبيه الأمور المعنوية بالأمور الحسية، ومثَّلوا لذلك بقوله تعالى: ﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ﴾ [الأنعام: ٣١]، وقوله: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ [فاطر: ١٨]، وقوله: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧ - ٨]، قالوا: فتُحمَل الآية هنا على ذلك، ويكون المذكور فيها على سبيل التمثيل والتشبيه كهذه الآيات (^١).
٤) أدلة القول الثالث في المسألة:
لم أقف على دليل القول بأنه يؤخذ من حسناته عِوَضَه وإلا عُوقب، لكن يمكن أن يكون آخر الآية يشير إلى هذا المعنى، وهو قوله تعالى: ﴿ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾، بأنه يكون الاقتصاص منه أولًا بأخذ حسناته عوضًا عن المال الذي غلَّه، ثم يوفَّى جزاءه كاملًا على ما بقي من حسناته وسيئاته.
٥) أدلة القول الرابع في المسألة:
يُستدل لهذا القول بما روي عن بُريدة الأسلمي عن النبي ﷺ: (إن الحجر ليزن سبع خلفات، فيُلقى في جهنم فيهوي فيها سبعين خريفًا، ويؤتى بالغلول فيُلقى معه، ثم يُكلَّف صاحبه أن يأتي به، وهو قول الله ﷿: ﴿وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ

(^١) ينظر في تفسير السمرقندي (١/ ٢٦١)، وتفسير المنار لرشيد رضا (٤/ ١٧٨)، وزهرة التفاسير لأبي زهرة (٣/ ١٤٨٤)، والتفسير المنير للزحيلي (٤/ ١٤٧).

1 / 175