Tafsir al-Quran al-Azim - Al-Sakhawi
تفسير القرآن العظيم - السخاوي
Penyiasat
د موسى علي موسى مسعود، د أشرف محمد بن عبد الله القصاص
Penerbit
دار النشر للجامعات
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
Genre-genre
لما ذكر الله في كتابه البعوض والعنكبوت تضاحكت اليهود وقالوا: هذا لا يشبه كلام الله، وكيف يذكر (٥ /أ) العلي الأعلى هذه الأشياء المحقّرة، وغلطوا في ذلك، فإن الحقير إنما يضرب له المثل بالحقير، وضرب المثل اعتماده وتصييره، كقولك: «ضربت الطين لبنا، والفضة خاتما» فهو يتعدى إلى مفعولين. والبضع والبعض: القطع، والبعوض: فعول من القطع؛ لأنه يشق اللحم فيمتص الدم. ﴿فَما فَوْقَها﴾ أكبر منها. وقيل: أصغر؛ لأنه فوقها في الحقارة.
﴿فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ الضمير يرجع إلى المثل أو إلى ضربه. وإنما قال: ﴿وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾ والمهديون قليل بالنسبة إلى الضالين وإن كانوا في أنفسهم كثيرا (^١).
﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٢٧) كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتًا فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩)﴾
﴿وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ [الرعد: ٢٥] وهو صلة الأرحام. وقيل: تصديق جميع الأنبياء فيما جاؤوا به. ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتًا﴾ نطفا ﴿فَأَحْياكُمْ﴾ في الدنيا ﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ فيها ﴿ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ يبعثكم يوم القيامة، والتقدير: كيف تكفرون وأنتم عالمون بهذا الترتيب؟ وإنما جاء بلفظة: «كيف» التي هي إنكار للأحوال، ولم ينكر أصل الكفر؛ لأنه إذا أنكر أحوال الكفر كلها لم يوجد الكفر؛ كما لو ادّعى خامل (^٢) اجتماعه بالسلطان وخوضه معه في مصالح الدولة، فيقال له: أين اجتمعت به في داره أم في الموكب؟ تقديره: إن قلت: إنك اجتمعت به في الموكب. فهناك حجّاب يمنعونك من الاجتماع به. وإن قلت: في داره. فكذلك. فإذا بطلت جهات الاجتماع بطل الاجتماع به.
(^١) قال الزمخشري في الكشاف (١/ ١١٨): «فإن قلت: لم وصف المهديون بالكثرة - والقلة صفتهم؟ قلت: أهل الهدى كثير في أنفسهم وحين يوصفون بالقلة إنما يوصفون بها بالقياس إلى أهل الضلال. وأيضا فإن القليل من المهديين كثير في الحقيقة وإن قلوا في الصورة فسموا ذهابا إلى الحقيقة كثيرا». (^٢) الخامل من الرجال: الخفي الساقط الذي لا نباهة له، ولا إرادة مستقلة تحمله على الاجتراء، يقال: هو خامل الذكر والصوت، والجمع: خملة. ينظر: لسان العرب (خمل).
1 / 62