﴿وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ؛﴾ أي رجعوا؛ وقيل: استحقّوا، والباء صلة. وقيل:
احتملوا واقروا به، ومنه الدعاء المأثور: [أبوء بنعمتك عليّ؛ وأبوء بذنبي] (^١).
وغضب الله عليهم: ذمّه إياهم وتوعّده لهم في الدنيا، وإنزال العقوبة بهم العقبى. قوله تعالى: ﴿ذلِكَ؛﴾ أي ذلك الغضب؛ ﴿بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ؛﴾ أي بصفة محمّد وآية الرجم في التوراة والإنجيل والفرقان.
قوله تعالى: ﴿وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ؛﴾ قرأ السلمي:
«(ويقتّلون)» بالتشديد؛ و«(النّبيّين)» في جميع القرآن بالتشديد من غير همزة، وتفرّد نافع بهمز «(النّبيئين)» فمن همز فمعناه: المخبر؛ من قول العرب: أنبأ ينبئ إنباء، ومن حذف الهمزة؛ فإنه أراده؛ لكن حذفه الهمزة طلبا للخفّة؛ لكثرة استعمالها. وقيل: لأنه بمعنى الرّفيع مأخوذ من النبوّة وهي المكان المرتفع. يقال: نبا الشيء بغير همز إذا ارتفع.
وقوله تعالى: ﴿(وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ)﴾ أي بلا جرم مثل زكريّا ويحيى وسائر من قتل اليهود من الأنبياء. وفي الخبر: أنّ اليهود قتلوا سبعين نبيّا في أوّل النهار، وقامت سوق بقلهم في آخر النهار. وقيل: قتلوا في يوم واحد ثلاثمائة نبيّ. قوله تعالى: ﴿ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ﴾ (٦١)؛أي يتجاوزون أمري ويرتكبون محارمي.
قوله ﷿: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا؛﴾ أي إنّ الذين آمنوا بموسى والتوراة ثم لم يتهوّدوا؛ والذين آمنوا بعيسى ولم يقسموا بالنصرانيّة، ﴿وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصّابِئِينَ،﴾ أي والذين تهودوا وتنصّروا وتصابئوا، ﴿مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (٦٢).
(^١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ج ٧ ص ٢٩٢:الحديث (٧١٧٢) بهذا اللفظ. والبخاري في الصحيح: كتاب الدعوات: باب ما يقول إذا أصبح: الحديث (٦٣٠٦)،وفي (٦٣٢٢): [أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء لك بذنبي].