Tafsir al-Baydawi
تفسير البيضاوى
Penyiasat
محمد عبد الرحمن المرعشلي
Penerbit
دار إحياء التراث العربي
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤١٨ هـ
Lokasi Penerbit
بيروت
وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فاعزموا على التوبة والرجوع إلى من خلقكم براءٍ من التفاوت، ومميزًا بعضكم عن بعض بصور وهيئات مختلفة، وأصل التركيب لخلوص الشيء عن غيره، إما على سبيل التقصي كقولهم برئ المريض من مرضه والمديون من دينه، أو الإنشاء كقولهم برأ الله آدم من الطين أو فتوبوا.
فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إتمامًا لتوبتكم بالبخع، أو قطع الشهوات كما قيل من لم يعذب نفسه لم ينعمها ومن لم يقتلها لم يحيها. وقيل أمروا أن يقتل بعضهم بعضًا. وقيل أمر من لم يعبد العجل أن يقتل العبدة.
روي أن الرجل كان يرى بعضه وقريبه فلم يقدر على المضي لأمر الله، فأرسل الله ضبابة وسحابة سوداء لا يتباصرون، فأخذوا يقتتلون من الغداة إلى العشي حتى دعا موسى وهارون فكشفت السحابة ونزلت التوبة، وكانت القتلى سبعين ألفًا
. والفاء الأولى للتسبب، والثانية للتعقيب.
ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ من حيث إنه طهرة من الشرك، ووصلة إلى الحياة الأبدية والبهجة السرمدية.
فَتابَ عَلَيْكُمْ متعلق بمحذوف إن جعلته من كلام موسى ﵇ لهم تقديره: إن فعلتم ما أمرتم به فقد تاب عليكم، أو عطف على محذوف إن جعلته خطابًا من الله تعالى لهم على طريقة الالتفات، كأنه قال: ففعلتم ما أمرتم به فتاب عليكم بارئكم. وذكر البارئ وترتيب الأمر عليه إشعار بأنهم بلغوا غاية الجهالة والغباوة، حتى تركوا عبادة خالقهم الحكيم إلى عبادة البقر التي هي مثل في الغباوة، وأن من لم يعرف حق منعمه حقيق بأن لا يسترد منه، ولذلك أمروا بالقتل وفك التركيب.
إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ للذي يكثر توفيق التوبة، أو قبولها من المذنبين، ويبالغ في الإنعام عليهم.
[سورة البقرة (٢): آية ٥٥]
وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥)
وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ أي لأجل قولك، أو لن نقر لَكَ.
حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً عيانًا وهي في الأصل مصدر قولك: جهرت بالقراءة، استعيرت للمعاينة، ونصبها على المصدر لأنها نوع من الرؤية، أو الحال من الفاعل، أو المفعول. وقرئ جهرة بالفتح على أنها مصدر كالغلبة، أو جمع جاهر كالكتبة فيكون حالًا من الفاعِل قطعًا، والقائلون هم السبعون الذين اختارهم موسى ﵇ للميقات. وقيل عشرة آلاف من قومه. والمؤمن به: إن الله الذي أعطاك التوراة وكلمك، أو إنك نبي.
فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ لفرط العناد والنعت وطلب المستحيل، فإنهم ظنوا أنه تعالى يشبه الأجسام فطلبوا رؤيته رؤية الأجسام في الجهات والأحياز المقابلة للرائي، وهي محال، بل الممكن أن يرى رؤية منزهة عن الكيفية، وذلك للمؤمنين في الآخرة ولأفراد من الأنبياء في بعض الأحوال في الدنيا. قيل جاءت نار من السماء فأحرقتهم. وقيل صيحة. وقيل جنود سمعوا بحسيسها فخروا صعقين ميتين يومًا وليلة.
وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ما أصابكم بنفسه أو أثره.
[سورة البقرة (٢): الآيات ٥٦ الى ٥٧]
ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦) وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٥٧)
ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ بسبب الصاعقة، وقيد للبعث لأنه قد يكون عن إغماء، أو نوم كقوله
1 / 81