Tafsir Ahmed Hateeba

Ahmad Hatiba d. Unknown
55

Tafsir Ahmed Hateeba

تفسير أحمد حطيبة

Genre-genre

تفسير قوله تعالى: (خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي) الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين. أما بعد: قال الله ﷿ في سورة الأنبياء ﵈: ﴿خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ * وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ * بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلا هُمْ يُنظَرُونَ * وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون * قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ * أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ * بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ * قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ * وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء:٣٧ - ٤٧]. يخبرنا ربنا سبحانه ﵎ هنا عن خلق الإنسان، وكيف أنه خلق ضعيفًا، وفيه التهور والعجلة والاندفاع والطيش. قال تعالى: ﴿خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ [الأنبياء:٣٧]، أي: في تركيبه وخلقه، ففيه تهور واندفاع وعجلة إلى الشيء. وعندما أمرنا الله سبحانه أن نكون حلماء، وأن يكون عندنا صبر، كان لابد أن يجعل في النفس ما يدافع ذلك فلو أن طبيعة الإنسان الحلم لما أمره الله ﷿ بالحلم، ولو أن طبيعة الإنسان لا توجد فيها شهوة لما نهاه الله ﷿ عن الزنى. فطبيعة الإنسان ركبت فيه الشهوة الغضبية فتجده يندفع، وركبت فيها الشهوة الجنسية فيحب أن يتزوج أو أن يقع في الحرام، والله ﷿ يريد تهذيب شهوات الإنسان، فأمره إذا غضب أن يكون غضبه لله ﷾، وإذا سارع واستعجل أن تكون مسارعته في الخير وليس في الشر. وأما التهور والاندفاع إلى الحرام فقد هذبها الله في الإنسان وقال له: أنت مخلوق من عجل، أي: فيك عجلة وتهور واندفاع وطيش، فهذبها بالتعلم وبالتحلم. والإنسان لن يكون حليمًا بين يوم وليلة، ولكن بالتأني شيئًا فشيئًا، وبفضل الله ﷿ عليه يصبح صبورًا حليمًا.

6 / 2