122
قوله : { يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم } قد فسرناه في الآية الأولى { وأني فضلتكم على العالمين } أي على عالم زمانه ، ولكل زمان عالم ، أي ولكل زمان خلق .
قوله : { واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل } أي فداء . وقد فسرناه قبل هذا الموضع . { ولا تنفعها شفاعة } أي لا يشفع لها أحد عند الله ، لأنه لا تكون الشفاعة إلا للمؤمنين خاصة . { ولا هم ينصرون } أي : لا أحد ينصرهم يومئذ؛ كقوله : { ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون } [ الصافات : 25-26 ] .
قوله : { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن } أي : عمل بهن . وقال بعضهم : فأكملهن ووفى بهن ، وهو واحد .
ذكروا عن ابن عباس أنه كان يقول : هي المناسك .
وكان الحسن يقول : ابتلاه الله بأمور فصبر عليها؛ ابتلاه الله بالكوكب والقمر والشمس فحبس نفسه في ذلك ، وعلم أن الله دائم لا يزول ، فوجه وجهه للذي فطر السماوات والأرض . ثم ابتلاه بالنار فصبر على ذلك . ثم ابتلاه بالهجرة ، فخرج من بلاده ومن عند قومه حتى لحق بالشام مهاجرا إلى الله . ثم ابتلاه بذبح ابنه فصبر . وابتلاه بالختان على كبر سنه فصبر على ذلك كله . ذكروا عن النبي A أنه قال : « اختتن إبراهيم بعدما أتى عليه ثمانون سنة بالقدوم » .
وتفسير الكلبي أنها العشر خصال : خمسة في الرأس وخمسة في الجسد . فأما اللواتي في الرأس : فالمضمضة والاستنشاق وقص الشارب والسواك وفرق الرأس . وأما اللواتي في الجسد : فالاختتان وحلق العانة ونتف الابطين وتقليم الأظافر والاستنجاء .
وقال بعضهم : ابتلي إبراهيم بعشرة أشياء ، هن في الإنسان سنة : الاستنشاق ، وقص الشارب ، والسواك ، ونتف الإبطين ، وتقليم الأظفار ، وغسل البراجم ، والختان ، وحلق العانة ، وغسل الدبر والفرج .
قال الكلبي : فلما فعلهن سأل ربه كلمات فأعطاهن إياه . منهن قوله : { ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك } [ البقرة : 128-129 ] ففعل الله ذلك ، ثم زاده ما لم يسأل .
{ قال إني جاعلك } يا إبراهيم { للناس إماما } يقتدون بك فيهتدون بهداك وبسنتك . فأعجب ذلك إبراهيم ف { قال } A { ومن ذريتي } وفي الآية إضمار . يقول : يا رب ومن ذريتي فاجعل إماما ، أي من كان من ذريتي ، فأجابه ربه ف { قال لا ينال عهدي الظالمين } وفي الآية إضمار فتفهموها فإنها تقضي بين الخلائق . أي لا ينال عهدي الظالمين من ذريتك ، أي : لا أجعلهم أئمة يقتدى بهم في ظلمهم .
وقال مجاهد : وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات هو قوله : { إني جاعلك للناس إماما } والمقام والآيات التي في المناسك .
Halaman 54