365

74

قوله : { وإذ قال إبراهيم لأبيه ءازر } . قال [ مجاهد ] آزر الصنم ، وأبوه تارح . المقرأ على هذا التفسير استفهام : آزر؟ { أتتخذ أصناما ءآلهة } أي أتتخذه إلها؟ ومقرأ الحسن بالرفع؛ آزر ، يقوله إبراهيم لأبيه؛ أتتخذ أصناما آلهة .

وبعضهم يقرأها بالنصب ويقول : اسم أبيه آزر؛ يقرأها بغير استفهام في أولها . يقول : وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر ، ويستفهم في آخرها . وكذلك استفهام الحسن في آخرها .

قال : { إني أراك وقومك في ضلال مبين } أي بين .

قوله : { وكذلك نري إبراهيم ملكوت } [ أي ملك ] { السماوات والأرض وليكون من الموقنين } .

قال بعضهم : ذكر لنا أن إبراهيم فر به من جبار مترف ، فجعل في سرب وجعل رزقه في أطراف أصابعه ، فجعل لا يمص إصبعا من أصابعه إلا وجد فيه رزقا . وإنه لما خرج من ذلك السرب أراه الله ملكوت السماوات؛ أراه شمسا وقمرا ونجوما وغيوما وخلقا عظيما ، وأراه ملكوت الأرض؛ فأراه جبالا وبحارا وأنهارا وأشجارا ومن كل الدواب وخلقا عظيما .

وقال مجاهد : { ملكوت السماوات والأرض } أي : آيات السماوات والأرض .

وقال الكلبي : بلغنا أن إبراهيم ولد في زمان النمرود الجبار ، وأنه كان مع نمرود كهنة يخبرونه أنه يولد في هذه السنة غلام يفسد آلهة أهل الأرض ويدعو إلى غير دينهم ، ويكون هلاك أهل بيته على يده . فقال النمروذ : فإن دواء هذا هين : أن نعزل النساء عن الرجال ، وننظر كل حبلى ، فإذا ولدت غلاما قتل ، إلى أن تمضي السنة . قالوا : افعل ذلك ، وإلا فهو الذي قلنا لك . ففعل النمرود ، فعزل الرجال عن النساء ، وجعل على كل عشرة وكيلا أمينا؛ فكان أمين العشرة إذا طهرت امرأة رجل منهم حال بينه وبينها ، فإذا حاضت تركها إلى أهلها حتى تطهر . فرجع أبو إبراهيم إلى أهله فوجد امرأته قد طهرت ، فواقعها فحملت . فقال الكهان : إن الغلام قد حمل به الليلة . قال : فانظروا إلى كل امرأة قد استبان حملها فخلوا سبيلها ، وانظروا اللائي يبقين ، وكلما ولدت امرأة غلاما فاقتلوه فلما دنا ولاد إبراهيم ، وأخذ أمه المخاض ، خرجت هاربة فوضعته في نهر يابس ، وألقته في حفرة تحت حلفاء . ثم رجعت إلى زوجها فأخبرته أنها ولدت غلاما ، وأنه في مكان كذا وكذا . فانطلق إليه أبوه فأخذه فحفر له سربا . فواراه فيه ، وسد عليه بصخرة مخافة السباع . وكانت أمه تختلف إليه وترضعه حتى فطم وعقل ، فقال لأمه : من ربي؟ فقالت : أنا . قال : فمن ربك أنت؟ قالت : أبوك ، فقال : فمن رب أبي؟ ، فضربته وقالت له : اسكت ، فسكت ، فرجعت إلى زوجها فقالت : أرأيت الغلام الذي كنا نتحدث به أنه يغير دين أهل الأرض ، فإنه ابنك . فانطلق أبوه ، فسأله إبراهيم ، قال : يا أبت ، من ربي؟ قال : أمك .

Halaman 365