92
قوله : { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ } . قال الحسن : ما كان لمؤمن ، فيما فرض الله عليه من حق أخيه المؤمن ، أن يقتل مؤمنا . إلا خطأ . أي إلا أن يكون قتله إياه خطأ لم يتعمده .
وقال بعضهم : ما كان له ذلك فيما أتاه من ربه في عهد الله الذي عهده إليه . وقال إن عياش بن أبي ربيعة كان قتل رجلا مؤمنا كان يعذبه مع أبي جهل في اتباع عياش النبي ، وعياش يحسب أن ذلك الرجل كافر كما كان .
قال : { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة } . قال بعضهم : { رقبة مؤمنة } من عقل دينه . وأخبرت عن الحسن أنه قال : لا تجزي إلا رقبة قد صلت وصامت ، ليست صغيرة .
قوله : { ودية مسلمة إلى أهله } أي : إلى أولياء المقتول .
ذكروا أن رسول الله A قال : « العقل على العصبة والدية على الميراث » العقل على العصبة ، يعني دية الخطأ .
ذكروا عن سعيد بن المسيب قال : إن امرأة جاءت إلى عمر بن الخطاب تطلب ميراثها من دية زوجها ، فقال عمر : أيكم سمع من رسول الله في هذا شيئا . فقام الضحاك بن سفيان الكلابي فقال : أشهد أني كتب إلي رسول الله عليه السلام أن أورث امرأة الضبابي من دية زوجها؛ فورثها عمر . قال هذا في قتل الخطأ . فأما في قتل العمد فهو إلى العصبة ، فإن رضوا بالدية كانت لهم دون غيرهم من أهل الميراث .
ذكر بعضهم قال : قال رسول الله A : « الدية مائة بعير ، يعني دية الخطأ ، فمن ازداد بعيرا فهو من أهل الجاهلية » .
ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنه قال : هي أخماس : عشرون بنات مخاض ، وعشرون بنات لبون ، وعشرون حقة ، وعشرون بني لبون ذكورا ، وعشرون جذعة .
قوله : { إلا أن يصدقوا } أي إلا أن يصدق أولياء المقتول فيتجاوزوا عن الدية . قال الحسن : وذلك لما حض الله عليه عباده من الخير ، وليس بواجب عليهم .
قوله : { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة } . قال الحسن : كان الرجل يسلم وقومه حرب ، فيقتله رجل من المسلمين خطأ ففيه تحرير رقبة مؤمنة ولا دية لقومه . وإن كان في قومه ، وهو مؤمن لا يظهر لقومه الإسلام ، وهو فيهم بالتقية ، فلا يعطون دية .
{ وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة } .
كان بين النبي وبين قوم من مشركي العرب عهد إلى أجل معلوم؛ فمن قتل منهم في ذلك العهد دفع إلى أوليائه الدية ، وعلى قاتله عتق رقبة . قال : فما كان من عهد بين النبي وبين مشركي العرب فهو منسوخ ، نسخه القتال . وما كان من عهد بين المسلمين وبين المشركين من غير العرب وأهل الذمة يودون الجزية فقتل منهم رجل ، ففيه الدية لأوليائه وعتق رقبة مؤمنة .
قوله : { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله } أي تجاوزا من الله { وكان الله عليما حكيما } أي عليما بخلقه ، حكيما في أمره .
وقال بعضهم : وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة ولا دية لأهله من أجل أنهم كفار ، ليس بينهم وبين رسول الله عهد ولا ذمة .
ذكروا عن بعضهم أنه قال : من أصاب دما خطأ فكتمه لقي ربه به عمدا .
Halaman 257